الأستاذ: عبد الكريم الفزني
مفهوم النقد و المناهج النقدية
مفهوم النقد :
لغة: نقد، ينقد ، نقدا . نقد الغراب الحب ،أي نقره بمنقاره و نقدته الحية أي لدغته ، قال عمر بن الخطاب رضي لله عنه من نقد الناس نقدوه ، أي من ذكر عيوب الناس ذكروا عيوبه ، ونقد الدرهم ، أي ميز جيده من رذيئه .
أما في الاصطلاح ،فقد ارتبط مفهوم النقد عند القدماء بالصيرفي أي صائغ الدراهم الذي يستطيع أن يميز جيدها من رذيئها ، فنقل هذا المفهوم إلى ميدان الأدب .لذلك قال قدامة بن جعفر(137ه) في كتابه (نقد الشعر)" النقد هو تمييز الجيد من الرذيئ" ، وهكذا ارتبط النقد عند القدماء بالتذوق والتأثر ، فظهر بذلك ناقدان هما: النابغة الذبياني الذي كانت تضرب له قبة من أدم في سوق عكاظ ، فيأتيه الشعراء ليحكم بينهم في الشعر ، وذلك عن طريق التذوق ، وأم جدب التي حكمت بين امرئ القيس وعلقمة الفحل في الشعر ، ثم تطور بعد ذلك مفهوم النقد ، حيث سيظهر في العصر الأموي والعباسي النقد البلاغي ، إذ ستحلل النصوص بلاغيا وقد ظهر على يد مجموعة من النقاد كأبي هلال العسكري وابن طباطبا العلوي وغيرهما .إلا أن مفهوم النقد سيتخذ معنى جديدا في العصر الحديث في الغرب ، إذ سيتبلور في مجموعة من المناهج النقدية التي لم يخرج نقدها عن إطار الأطراف الأربعة المكونة للعملية الإبداعية (المؤلِف- المؤلَف -المرجع -المتلقي)
هكذا نتحدث عن نقد المؤلِف ونقد المؤلَف ونقد المرجع ونقد القارئ ، وفي إطار هذا الرباعي ارتبط مفهوم النقد بالتحليل الذي يقوم على مجموعة من الآليات والأدوات الخاصة بكل منهج ، لقد عرف بول روايال المنهج بأنه (( الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته حتى تصل إلى نتيجة معلومة )) المناهج النقدية
عرف بور رويال المنهج بأنه ))الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقـــيقة في العـلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته حتى تصل إلــــــى نتيجة معلومة ((،وقد تعددت المناهج النقدية التي اهتمت بقراءة النص الأدبي نتيجة تعدد الفلسفات التي تكمن وراء ظهورها،وهكذا ظهر المــــنهج الاجتـــماعي التاريخي ضمن ما يسمى بعلـــم اجتماع الأدب ، من رواده مدام دوستايل وهــيمبولت تين وغيرهما ، وتأثــــر بهما في العالــــم العربي طه حسين وعز الدين إسماعيل وغيرهما ، وقد اهـــتم هذا المنهج بالظاهرة الأدبـــية مركزا على عدة خصائص ترتبـــط ببيئة المؤلف وجـــنســه ووضعــه الاجتماعي. يقول الدكتور عمر محمد الطالب " إن البـــذور الأولى في المنهج الاجتماعي تعاني من التداخل بــين الواقعي والاجتماعي وهو نفس التداخل الذي يلاحظ في المذهـــب الواقعي في القرن التاسع عشر، وهذا ما يميز الواقعية في هذا القرن بأنها واقعية اجتماعية " .
إلى جانبه ظهر المنهج النصي كرد فعل على سيادة المنهج التاريخي في الساحة الأدبية لمدة طويلة من الزمن، حيث دعا رواده إلى قتل المؤلف والاهتمام بالمؤلف . يجسد هذا المنظور قول رولان بارت " النص ولا شيء غير النص " ينضوي تحت هذا المنهج الشكلانيــــون الروس و البنيويون الذين ركزوا على اللسانيات في دراسة النص الأدبي . ثم المنهج النفسي الذي راهن على شخص المؤلف وأحواله النفسية التي لها علاقة وطيدة ببـــيئته ومجـــتمعه، وقد اتخذ من نظرية فـرويد في دراسة الشخصية منطلقا له ، حيث يرى هذا التوجه أن النص الأدبي يعكس نفسية صاحبه. إلى جانب المناهج السالفة ظهر مهج توفيقي ينظر إلى الظاهرة الأدبية من زوايا متعـــددة انطلاقا من رؤى مختلفة، وكـــذلك المنهج الذي يهتم بالمتلقي في إطار ما يسمى بنظرية التلقي التي تزعمها فولفاغن إزر وهانس روبير ياوس الألمانــــيـان، حيث حاولا أن يردا الاعتبار للقارئ انطلاقا من كونه قد همش في الساحة النقدية مستفيدين في ذلك من المناهج السالفة الذكر، ومدافعين عن دور المتلقي في العملية الإبداعية .
والله ولي التوفيق