منتدى مازونة يرحب بزواره الكرام، يسعدنا إنضمامكم كأعضاء
يرجى التكرم بالتسجيل معنا، أهلا وسهلا بك في منتديات مازونة
أسأل الله ان يعطيك أطيب ما فى الدنيا ( محبة الله )
وأن يريك أحسن ما فى الجنه ( رؤية الله )
وأن ينفعك بأنفع الكتب ( كتاب الله )
وأن يجمعك بأبر الخلق ( رسول الله ) عليه الصلاة والسلام
منتدى مازونة .. أنوار قلب واحد .. أسرة واحدة
http://x20x.com/upfiles/AvM08284.jpg

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى مازونة يرحب بزواره الكرام، يسعدنا إنضمامكم كأعضاء
يرجى التكرم بالتسجيل معنا، أهلا وسهلا بك في منتديات مازونة
أسأل الله ان يعطيك أطيب ما فى الدنيا ( محبة الله )
وأن يريك أحسن ما فى الجنه ( رؤية الله )
وأن ينفعك بأنفع الكتب ( كتاب الله )
وأن يجمعك بأبر الخلق ( رسول الله ) عليه الصلاة والسلام
منتدى مازونة .. أنوار قلب واحد .. أسرة واحدة
http://x20x.com/upfiles/AvM08284.jpg

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

   ***أشواق* أشواق* أشواق *عيونهههاااادددي 

 

الأبحاث والآراء المنشورة تعبر عن رأي صاحبها ، وليست بالضرورة تعبر عن رأي الموقع
 
الخطاب النقدي OFY71744

دعوه للتعارف والتواصل بين بعضنا البعض،في فضاء منتديات مازونة مدير الموقع*1ولاية أدرار*2ولاية الشلف* 3 ولاية الأغواط* 4 ولاية أم البواقي* 5 ولاية باتنة* 6 ولاية بجاية* 7 ولاية بسكرة* 8 ولاية بشار* 9 ولاية البليدة* 10 ولاية البويرة* 11 ولاية تمنراست* 12 ولاية تبسة* 13 ولاية تلمسان* 14 ولاية تيارت* 15 ولاية تيزي وزو* 16 ولاية الجزائر* 17 ولاية الجلفة* 18ولاية جيجل* 19 ولاية سطيف* 20 ولاية سعيدة* 21 ولاية سكيكدة* 22 ولاية سيدي بلعباس* 23 ولاية عنابة* 24 ولاية قالمة* 25 ولاية قسنطينة* 26 ولاية المدية* 27 ولاية مستغانم* 28 ولاية المسيلة* 29 ولاية معسكر* 30 ولاية ورقلة* 31 ولاية وهران* 32 ولاية البيض* 33 ولاية اليزي* 34 ولاية برج بوعريريج* 35 ولاية بومرداس* 36 ولاية الطارف* 37 ولاية تندوف* 38 ولاية تسمسيلت* 39 ولاية الوادي* 40 ولاية خنشلة* 41 ولاية سوق أهراس* 42 ولاية تيبازة* 43 ولاية ميلة* 44 ولاية عين الدفلى* 45 ولاية النعامة* 46 ولاية عين تموشنت* 47 ولاية غرداية* 48 ولاية غليزانتحية خاص إلى كل أناس غليزان- واد رهيو- مديونة- الحمادنة- تيارت- شلف-وهران-عين مران-سيدي محمد بن عليIraqimap
جميع البرامج متاحة للجميع , ولكن يجب استخدامها في ما يرضي الله , ومن خالف ذلك فلا نحلله ولا نبيحه
   الخطاب النقدي Vالطيب/الطيب/الطيب   الخطاب النقدي V
برامج كمبيوتر
  حبي لمملكتي    حبي لمملكتي    حبي لمملكتي  
الخطاب النقدي 89312
نحن لا ندعي التميز ولكننا صناعه

    الخطاب النقدي

    القائد
    القائد
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    وسام الحضور الدائم

    الجنس : ذكر عدد الرسائل عدد الرسائل : 2628
    تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 01/01/1983
    العمر : 41
    الموقعwww.mazonh.66ghz.com
    تاريخ التسجيل : 09/02/2009
    السٌّمعَة3
    نقاط : 35417

    الخطاب النقدي Empty الخطاب النقدي

    مُساهمة من طرف القائد الأربعاء 15 فبراير - 20:43

    الخطاب النقدي حول الشعر المغربي الحديث والمعاصر



    [التوجهات العامة وسياقها الثقافي]

    إن تتبع حركة النقد الأدبي في المغرب يكشف عن مفارقة فبرغم حضور الشعر حضوراً قويا في المقررات الدراسية الأولية والثانوية والجامعية فإن نقده وتجديد هذا النقد ظل بطئ الحركة، وذلك بخلاف النقد الروائي الذي حظي في العقد الأخير باهتمام كبير، يظهر ذلك الاهتمام، مثلا، في عدد الندوات واللقاءات التي نظمها اتحاد كتاب المغرب حول الرواية والفن القصصي عامة في هذه الحقبة. وقد بدا في وقت من الأوقات وكأن نقد الشعر قد وُكلَ إلى الشعراء أنفسهم.

    في ظل هذا الواقع بقيت الانطباعية واجترار التراث سائدين في تدريس الشعر دون أن يكون لأصحابها من الجرأة ما يجعلهم يقترحونهما في دراسات جادة تطبع وتروج خارج المدرجات والأقسام. وهذا طابع تدريس الشعر العربي بوجه خاص.

    أما المحاولات التجديدية التي عرفها نقد الشعر في المغرب فقد ارتبطت في الغالب بنقد الشعر المغربي الحديث والمعاصر، ففي هذا المجال طرحت الأسئلة المنهجية، وبذل أقصى الجهود في البحث عن جهاز نظري فعال.

    لن يجد المتأمل لهذا الوضع صعوبة لكي يدرك أن حركية النقد الدائر حول الشعر المغربي الحديث والمعاصر تابعة لدينامية الشعر نفسه، تلك الدينامية الناتجة عن تفاعله مع واقع الحياة السياسية والاجتماعية خلال العقود الثلاثة الأخيرة. مع متابعة ومراقبة الفكر الأدبي النقدي المتجدد في ضوء تطور الفكر عالميا.

    ويمكن من هنا القول بأن الطابع الغالب على نقد الشعر في المغرب إلى حدود نهاية السبعينات هو الدعوة إلى الواقعية والالتزام، لدرجة أحسّ معها بعض الشعراء النقاد في نهاية السبعينات أن هيمنة الخطاب السياسي على الخطاب النقدي قد أفقدت الأدب خصوصيته، يقول محمد بنيس في هذا الصدد:

    "يظهر .. أن الشعر في المغرب الحديث ظل على هامش الحديث السياسي الذي يتحكم في كل المبادرات، فهو يجعل من الشعر تابعا لا مبدعا، أسيراً لا متحرراً. والكلمة الأولى لتصريف حقيقته السياسية...". ثم يضيف:

    "كانت التحولات الشعرية في المغرب الحديث هاجسة "بالتحولات السياسية منذ العشرينات إلى السبعينات، فيما تركها الحديث السياسي تابعة سواء على مستوى الحديث النقدي، أو على مستوى النشر بمختلف دلالاته..." (الثقافة الجديدة ع 18-1981 ص37).

    حتى النزوع البنيوي الذي صار يفرض نفسه منذ نهاية السبعينات وخلال الثمانينات تبعا لظروف خارجية وداخلية معرفية وسياسية، ظل يحرس على البعد الواقعي، ولو في حدّه الأدنى، كان المظهر البارزُ لذلك في تبني البنيوية التكوينية أولا، ثم الانزلاق من البنيوية الشكلانية بسرعة كبيرة إلى السميائيات التداولية الساعية إلى الاهتمام بكل أطراف المقام التواصلي.

    إن هيمنة السياسي على الشعري في النقد الأدبي المغربي يكاد يشكل المسلمة الأولى في نظر نقاد هذا الشعر. وهناك مسلمة تمهيدية أخرى يلتقي حولها النقاد الطلائعيون المغاربة وتتمثل في القول بأن النقد المغربي الحديث هو وليدُُ السبعينات. يقول نجيب العوفي في هذا الشأن: "هل كان هناك نقد في الستينات وما قبلها؟/ هل وجد عندنا نقاد متخصصون، مدارس نقدية، تيارات نقدية، سجالات نقدية على نحو ما كان في مصر الثلاثينات والأربعينات والخمسينات’ إن الجواب البديهي لهذه التساؤلات ليس إلا النفي.

    ما كان عندنا في الستينات وما قبلها لا يعدو أن يكون مقالات وتدبيجات وصفية وانطباعية تفيض من حين لآخر عَفوَ الخاطر، إن دلت على شيء، فعلى الكسل الفكري وغياب المنهج. ومن ثم قلتُ من قبل إن المشروع النقدي الجديد الذي يحاول تأسيسه الجيلُ من النقاد ينطلق من الفراغ". (ص.49 الثقافة الجديدة ع9 السنة الثالثة 1978).

    وهو لا يستثني من جيل الستينات إلا الأستاذ محمد برادة الذي يراه "رائدا للمشروع النقدي الجديد في المغرب" (نفسه50).

    وما دام النقد الذي يهمنا هو النقد الذي دار حول الشعر المغري الحديث والمعاصر فإننا نجد أنفسنا غير مضطرين إلى تحقيق القول في هذا الحكم المشترك بين أغلب النقاد الشباب المغاربة.

    مع مراعاة التحولات وتغيير المواقع يمكن القول بأن نقد الشعر الحديث والمعاصر في المغرب قد عرف خلال العقود الثلاثة الأخيرة ثلاث نزعات أو توجهات يعايش بعضها بشكل يجعل اعتبارها تمثيلا لمراحل تاريخية في حاجة إلى تمحيص ، وهي:

    1 ـ نزعة الواقعية والالتزام، وهي ذات منزعين متعارضين برغم الاشتراك في اللغة والمصطلح في كثير من الأحيان، فهناك:

    أ ـ واقعية سكونية نُعتت دائما "بالسلفية"، والتأثرية.

    ب ـ وواقعية جدلية تستلهم الاشتراكية العلمية.

    2 ـ نزعة البنيوية التكوينية، ويمكن بقليل من التسامح تمييز نزعتين فرعيتين داخلها:

    أ ـ النزعة التبريرية؛ التي تجعل النص تابعا للموقف الفكري ومجيبا عن أسئلته (وسنبين طابعها عند الحديث عن أطروحة الأستاذ محمد بنيس).

    ب ـ النزعة النصية، وهي تُقيم حواراً مع النص مباشرا انطلاقا من وسائل ومداخل لغوية ونفسية وسياقية، ويأتي التفسير عندها ثانويا. ويبدو عمل الأستاذ عبد الله راجع ممثلا لهذا المنحى.

    3 ـ النزعة البنيوية النصية والسميائيات، وقد نحت هي الأخرى منحيين:

    1 ـ منحى نصي شكلاني أو بلاغي صرف

    2 ـ ومنحى سميائي تداولي يهتم بأطراف المقام التواصلي، مُدْمجا الحديث عن المقاصد في الحديث عن العلاقات الداخلية للنص (محمد مفتاح).

    [1] نزعة الواقعية والالتزام
    ينبغي للقارئ أن يعود إلى كتابات بداية السبعينات ليعي ما نعنيه حين نلف عينات متعددة في لفافة الواقعية، فالكل كان يتحدث عن نضالية الثقافة والمثقف وثوريتهما، في افتتاحية مجلة آفاق، لربيع 1971 يقول الأستاذ عبد الكريم غلاب رئيس اِتحاد كتاب المغرب آنذاك، تحت عنوان "المثقف والممارسة":

    "على قدر الوعي بالمسؤولية يجب أن يكون تحمُّلها. ولعل المثقفين من أكثر فئات الشعب وعيا بمسؤوليتهم في الحياة..

    "ورحم الله الزمن الذي كانت فيه الثقافة اجترارا لما في الكتب، والوعي بها انعزالا في الأبراج".

    وقد كان من توصيات مؤتمر اتحاد الكتاب المنعقد بالرباط بتاريخ 6- 7- 1968 "ضرورة توفير الظروف المناسبة ليمارس الكتاب والمثقفون مهمتهم الفكرية في التوعية والتنوير ويساهموا في تحرير الفكر المغربي من أغلال الزيف والشلل والجمود". (آفاق شتاء 1969).

    وفي عدد "شتاء 1972" يتولى ذ. عباس الجراري كتابه الافتتاحية تحت عنوان المثقفون والمرحلة الجديدة، فيقسم المثقفين إلى ثلاث فئات حسب التزامهم وموافقتهم يقول:

    أولا: موقف انعزال وسلبية… (موقف التكنوقراطيين).

    ثانيا: موقف التزام وريادة، ولكنه رخو غير صلب يلمس الظروف والأحداث برفق… في تحاش للتحدي والمواجهة وأنفة من التغيير الجذري القائم على التقويض والخلق..

    ثالثا: في اتجاه هذين الموقفين يبرز موقف الدولة ومن يسيرُ في خَطِّها من المرتزقة والمزيفين ومدعي الثقافة..".

    ولن يفهم شيء من هذا في معزل عن أحداث منتصف الستينات (1965) والغليان الذي شهدته الجامعة في نهاية الستينات وبداية السبعينات، وما لابس ذلك من أحداث داخلية، وتناسل داخل الحركة الوطنية الفاعلة، (1959-1969-1972) تواريخ لها دلالات.

    بعض ملامح الاتجاه الواقعي:

    1- انعدام التخصص وتضاؤل الفوارق بين الأجناس الأدبية:

    نظرا للتركيز على جانب الدلالة الواقعية والاجتماعية للنصوص المدروسة، وقلة الانشغال بالبنيات الشكلية المميزة التي تنتج الوظيفة الأدبية لكل جنس على حدة، اتصالا وانفصالا فإن النقاد المنضوين في هذا الاتجاه لم يجدوا صعوبة في التصدي لكل الأجناس الأدبية من شعر وقصة ورواية ومسرحية ونقد مرة واحدة.

    نجد أحسن مثال لذلك في كتابات عبد الكريم غلاب، عن الاتجاه السلفي، ففي كتابه "مع الأدب والأدباء" حديث عن مجموعة من الشعراء، مغاربة وغير مغاربة (الشابي السياب ابن ثابت)، وحديث عن القصة في المغرب العربي وعن مجموعة من القصص العربية…

    ونجد مثالا للاتجاه الجدلي عند نجيب العوفي، ففي كتابه "درجة الوعي في الكتابة" 22 مقالة نقدية موزعة على الشكل التالي:

    10 مقالات عن الشعر

    06 مقالات عن القصة القصيرة

    04 مقالات عن الرواية

    02 مقالان عن النقد.

    ويمكن أن نلحظ مثل ذلك في كتاب "المصطلح المشترك" لإدريس الناقوري، فهو يحتوي:

    07 مقالات عن "الرواية المغربية والإشكالية الاجتماعية".

    06 مقالات عن القصة القصيرة.

    03 مقالات عن الشعر.

    01 مقال عن المقالة (نفسها).

    يميل الاتجاه السلفي، في هذا الصدد، إلى معاداة التنظير بحجة الاستيراد حينا والطبيعة الوجدانية للنص الأدبي حينا آخر.

    2 ـ الصحفية:

    إن الشكل الإخراجي المناسب لنقد من النوع المذكور هو الصحافة واللقاءات الأدبية، بل ربما كان ذاك من هذا، فأغلب هذا النقد رصد أصلا للنشر في الصحافة أو قدم في مُلتقيات أدبية وندوات.

    وربما كان أصحابه يعتبرونه جزءاً من صراعهم الفكري السياسي الذي كان حاميا في السبعينات بوجه خاص. كان من الطبيعي أن تحتضن المنابر الصحفية هذا النقد وتوقفت له أحيانا، باعتباره امتدادا للنضال السياسي ضد الخصوم، وكثيرا ما أدى اختلاط الحابل بالنابل وتضخيم صورة بعض الأدعياء واكتساحهم الساحة النقدية والفكرية بوسائل ضحلة، وهذا ما وقع في المشادات التي نشبت بين الاتجاه الانطباعي المنعوت بالسلفية، في نهاية السبعينات، وبين الاتجاه الجدلي والبنيوي التكويني معا.

    وقد كانت تلك الخصومة النقدية ـالأيديولوجية قمة تطور الاتجاهين السلفي والجدلي، ومع ذلك لم يسفر هذا التطور ولا الخصومة عن وضع كتاب منسجم متكامل الأطراف في النظر والتطبيق يُبرز معالم وحدود أي منهما، باستثناء المقدمات النظرية التي قدمت بها تلك المقالات عند طبعها بالنسبة لمن طبعها (العوفي والناقوري).

    يمكن القارئ تأمل تواريخ كتابة مقالات كل من نجيب العوفي والناقوري ليدرك كيف تطورت الأمور خلال السبعينات.

    كتب العوفي مقدمة الطبعة الأولى لكتاب "درجة الوعي في الكتابة" سنة 1979. في حين كتب المقالات حسب التواريخ التالية:

    السنة عدد المقالات

    70 2

    74 2

    75 1

    76 3

    77 5

    78 2

    79 5

    كُتبت مقالات المصطلح المشترك (المؤرخة) في التواريخ التالية:

    السنة عدد المقالات

    71 1

    75 2

    76 3

    77 1

    3 ـ وفي ظل المستجدات المنهجية، وخاصة بروز الاهتمام بالبنيوية، اتجه رواد المنهج الجدلي إلى تطعيم واقعيتهم بمعطيات البحث البنيوي خاصة في الأعمال الجامعية التي أنجزوها، في حين ظل الاتجاه الانطباعي سجين عوزه الثقافي والفكري، كلما سطا على مصطلح أفرغه من محتواه.

    ولم يكن هناك من عائق منهجي أمام الاتجاه الجدلي لانطلاقه مبدئيا من مقولة اندماج الشكل والمضمون في العمل الأدبي ليشكلا معا كلية لا تنفصم عراها. وكان محمد مندور من العرب الأوائل الذين صاغوا هذا المبدأ صياغة نظرية محكمة فيما أسماه النقد الأيديولوجي (كنت أعددت بحث الإجازة سنة 1972 تحت عنوان "مندور من التأثرية إلى الواقعية الاشتراكية، وظل راسخا عندي أن الوصول إلى واقعية الفن عبر المراحل التي عبرها مندور وهي التأثرية أولا ثم التفسيرية ثانيا جدير بأن يجعل أي منهج واقعي جدلي منهجا خصبا وافيا بالغرض النقدي في أبعاده النصية التركيبية والتداولية والواقعية).

    فلا غنى لمن يسلك طريق الواقعية الاشتراكية في دمج الشكل والمضمون عن معرفة واسعة باللغة في أوسع معانيها إلى جانب المعرفة الأيديولوجية والذوق الشخصي حتى يرتبط بالنص بصورة مستمرة، ويبدو أن نجيب العوفي قد وُفق بذكائه وقوة ملاحظته وخصب لغته إلى تحقيق الكثير من ذلك.

    أما الاتجاه "السفلي" أو (الواقعية التأثرية) فقد ظل على هامش النص الشعري في بُعديه الفكري والبنائي وخيرُ من يُمثل ذلك مقالات حسن الطريبق حول الشعر المغربي المعاصر حيث يغيب النسق وتحضر الجزئيات، كما يغيب المصطلح النقدي الدقيق. ونكتفي هنا بإيراد الخلاصة التي انتهى إليها الأستاذ محمد خرماش في أطروحته لنيل دكتوراه الدولة حول اتجاهات النقد المغربي:

    "وهكذا تؤكد كتابات حسن الطريبق ممارسته النقدية التي لا تقوم إلا على ملاحظات ونعوت وأحكام واستخلاصات لا تضبطها نظرية واضحة، ولا تحترم خطا معينا في البحث والتفكير والتقويم، ولذلك فهي لا ترقى إلى مستوى المنهج، لأن المصطلح النقدي فيها عائم ومضطرب جدا، والمفاهيم غائمة وغير محددة.. إن انعدام التماسك في النظرة النقدية وضعف الجهاز المفاهيمي عنده، جعله يعتمد على الاجتهادات الخاصة، وعلى ما تسعفه به ثقافته النقدية التي يبدو أنها تسترفد أكثر من النقد والبلاغة القديمين، ولا يهتم كثيرا بتوضيح المصطلحات التي يستعملها استعمالات مختلفة ومتغايرة مثل الشكل والمضمون والأسلوب والذاتية والالتزام والإيقاعية والنضالية وغيرها". (م. خرماش 121).

    وهذا تصنيف ينظر أساسا إلى المواقع الفكرية السياسية والاجتماعية أكثر من نظره إلى خصوصيات أخرى.

    4 – من هنا أحس أصحاب المنهج الجدلي دائما انهم اقرب إلى البنيوية التكوينية منهم إلى الواقعية السلفية ونقدها الانطباعي، إذ يرى نجيب العوفي مثلا أن التناقض بين المنهج الجدلي والبنيوي تناقض ثانوي، أما تناقضهما الرئيسي فموجود مع السلفية النقدية. يقول في ذلك مشيرا إلى الصراع الذي عرفته الساحة النقدية في المغرب خلال النصف الثاني من السبعينات.

    "وهكذا أسفر الصراع النقدي عن وجود موقفين نقديين، كان التناقض بينهما تناقضا رئيسيا:

    أ موقف السلفية النقدية، وهو موقف ثابت في الزمان، هزيل المصطلح، مختلف الأدوات، يتكئ على منهج وصفي كلاسيكي بالغ الابتذال والعياء، ويدور في فلك أيديولوجيا إصلاحية تكرس واقع الحال، وتعادي التغيير والتقدم.

    ب وموقف الحداثة النقدية، وهو موقف متحول في الزمن يتحرك في اتجاه تطوير الخطاب النقدي وصقل مصطلحه وأدواته، وتطعيمه بأحدث وأنجع المناهج العلمية، ويصدر عن رؤية ايديولوجية ثورية، تؤمن بالتغيير الجذري للبنيات والمفاهيم. وضمن هذا الموقف النقدي ذاته يتعايش منهجان: المنهج الواقعي والمنهج البنيوي، وهو تعايش يفقد أحيانا التوازن وحسن الجوار ويتحول إلى خلاف فنزاع، وهو ما يمكن أن نعبر عنه بالتناقض الثانوي ضمن كلية الموقف، ووحدة الموقع. (درجة الوعي في الكتابة 17-189).

    [2] من النقد الجدلي


    إلى البنيوية التكوينية


    في زحمة السبعينات التي تفاعل فيها الوضع الداخلي المتأزم بالنسبة لليسار مع مسار الفكر السياسي والأدبي العالمي طرحت أسئلة صريحة حول مدى إنتاجية النقد الجدلي، ومدى ملاءمته لوصف خصوصيات النص الشعري. كان المد البنيوي العالمي وما صاحبه من نقد ذي طابع علمي موجه بصرامة للمعالجة الاجتماعية الصرف لمجالات الحياة والأدب (الانعكاس) عاملا قويا في طرح هذه الأسئلة في بنية سياسية تعرف نكوص المد اليساري الحالم بالحل المثالي.

    لقد مثلت البنيوية مظهرا للتجديد بالنسبة لكثير من الشباب الجامعي وبدا التطلع إلى قراءة أعمال البنيويين تمهيدا لترجمتها أمرا ملموسا.

    غير أن الاتجاه الذي لقي القبول واستطاع أن ينتج في الفترة المعنية (نهاية السبعينات وبداية الثمانينات) هو ذلك الذي زاوج بين البعد البنيوي والسوسيولوجي في إطار البنيوية التكوينية.

    من المعروف أن ممثلي الاتجاه الجدلي يسجلون من بين مراجعهم، ويذكرون من بين مصادرهم أعمال لوكاتش وغولدمان، بل منهم من ادعى تطبيق البنيوية التكوينية في بعض أعماله كما هو حال بحث إدريس الناقوري عن الرؤية المأساوية في الشعر المغربي المعاصر. (انظر المصطلح المشترك).

    غير أن الدراسات التي حاولت أن تستوعب البنيوية التكوينية وتطبقها بكثير من الإخلاص لمفاهيمها هي التي اعتبرت نفسها بديلا للمنهج الجدلي والبنيوي الشكلي. (انظر محمد بنيس. ظاهرة الشعر)، وتمت في أعمال جامعية فيها من الاتساع ما يسمح بتوضيح المنهج وتتبع خطوتيه الكبيرتين في الفهم والتفسير.

    هناك فيما يخص تطبيق البنيوية التكوينية على الشعر المغربي دراستان متميزتان بالطموح: ظاهرة الشعر المغربي المعاصر مقاربة بنيوية تكوينية لمحمد بنيس، والقصيدة المغربية المعاصرة لعبد الله راجع. وقد كان الباحثان على اتصال وثيق لفترة كبيرة في غمار الإبداع الشعري والتعاون العلمي في الإشراف على مجلة الثقافة الجديدة.

    وقد طبع الكتابان ولقيا رواجا، خاصة كتاب ظاهرة الشعر المغربي، الذي جاء في لحظة فراغ وتطلع. والحق أن الكتابين سدا عند صدورهما فراغا في مجال التعريف بالشعر المغربي الحديث، بقطع النظر عن النتائج التي وصلا إليها، والحيف الذي أحس به كل الشعراء الذين تناولهم محمد بنيس في كتابه، ولذلك استحقا ان نقف عندهما وقفة خاصة.

    يلاحظ من عنواني الكتابين أنهما يستعملان منهجا واحداً في معالجة موضوع واحد:

    الموضوع: ظاهرة الشعر المغربي المعاصر/القصيدة المغربية المعاصرة.

    المنهج (صريح عند الأول ضمني عند الثاني): مقاربة بنيوية تكوينية/ بنية الشهادة والاستشهاد.

    فالبنيوية التكوينية صريحة عند بنيس ضمنيةٌ عند عبد الله راجع: توحي بها "بنية الشهادة" والفرق الوحيد الذي يشم بين الموضوعين هو أن يكون محمد بنيس متوجها إلى مظاهر التميز والخصوصيات في بحثه عن "الظاهرة"؟ ويكون عبد الله راجع مشغولا بالبناء اللغوي والفني والنفسي للقصيدة، إذ ذِكرُ القصيدةِ يعني ذلك في المقام الأول.

    والواقع أن كل واحد من الباحثين يتناول فترة يعتبرها متميزة عن التي يتناولها زميله، ففي حين يتناول محمد بنيس جيل الستينات ( من 1964 إلى 1975..بالتحديد). يتناول عبد الله راجع جيل السبعينات ممتدا في الثمانينات.

    وهذا التقسيم اقترحه محمد بنيس وتبناه عبد الله راجع بعده بقدر كبير من المرونة. يعتبر محمد بنيس المرحلة الأولى(أو اللحظة الأولى كما يسميها مرحلة "البدايات والامتداد"أما مرحلة السبعينات التي ينتمي إليها هو وعبد الله راجع فهي مرحلة "الاتساع والتجاوز".

    ترتبط بداية المرحلة الأولى عند بنيس صراحة بصدور مجلة أقلام سنة 1964، ونستنتج دون تصريح منه أن نهايتها (1976) مرتبطة بظهور مجلة الثقافة الجديدة، وذلك يرجع إلى أن مجلة أقلام استطاعت أن تتخلص خلال ثلاث سنوات فقط من الشعر القديم وتتخصص في الشعر المعاصر (بنيس. ظاهرة 319). كما أن مجلة الثقافة الجديدة حملت شعار التجديد في الفكر والإبداع فكان هذا مبررا للفصل بين اللحظتين ونسبة بنيات خاصة لكل منهما.

    ومع ذلك فإن هذه القناعة التي عبر عنها محمد بنيس قد اضطربت قليلا عند عبد الله راجع حين وجدناه يستشهد بشعر شعراء محسوبين على المنابر غير اليسارية، دون الحديث عن انتمائهم إلى اليسار أو اليمين (حسن الغرفي وأحمد مفدي مثلا).

    والواقع أن راجع قد حاول الإفلات من إسار التفسير الأيديولوجي السياسي الذي أدخل فيه عنقه بتبني تصنيف محمد بنيس لذلك نجده أميل إلى الحديث عن "الجيل" وعن الرفقة الدراسية، وعن الجوانب النفسية لهذه الزمرة التي جمعتها مدرجات كلية الآداب في فاس في نهاية الستينات وبداية السبعينات، ولكنه يعود إلى الاعتبار الاجتماعي والسياسي حين يتحدث عن الارتباط بالحركة الجماهيرية.

    الموضوع والذات


    يبدو أن كون محمد بنيس وعبد الله راجع معا شاعرين من جيل السبعينات قد لعبَ كثيراً في تكييف المنهج والنتائج المحصلة، خاصة إذا علمنا أنهما كانا محسوبين على اليسار الذي كان يرى نفسه بديلا تاريخياً لما هو قائم فكرا وإبداعا وممارسة.

    وقف محمد بنيس عند هذه المعضلة محرجا قبل أن يجد له مخرجا في تناول الجيل الذي سبقه، يقول: "وليس من المعقول أن أكون الدارس والمدروس، وكثيرا ما فكرت في التراجع عن اختيار هذا الموضوع، ولكنني أدركت أخيرا أن البحث يمكن أن يختص بقراءة متن الشعراء الذين بدأوا ممارستهم الشعرية طيلة الخمسينات دون غيرهم". (ص17).

    ولم يكن هذا في نظري مخرجا آمنا فقد وُضع الجيل الذي ينتمي إليه الدارس ـ الشاعر طرفا يُقارن به، وسمي جيل التجاوز للسقوط والانتظار الذي وقع فيه الجيل السابق.

    أما عبد الله راجع فلم يجد أي حرج في جعل شعره موضوعا للدراسة وهو يتحدث عن شخصه بضمير الغائب: "وليست زرقة الخطا في نموذج عبد الله راجع إلا تأييدا للغرابة" (1/40).

    فكانت دراسته (كما كانت دراسة زميله قبله) مصادرة على المطلوب. لقد أدى التباس الذات بالموضوع في نظرنا إلى نتيجتين مختلفتين: ففي حين تعاطف عبد الله راجع مع الموضوع وتنويعا للمداخل اللغوية والنفسية والاجتماعية حتى تستوعب المراهنة وتبررها بعيدا عن الصرامة المنهجية.

    ولهذا السبب نفسه يبدو الجزء الأول من دراسة عبد الله راجع المتعلق بمرحلة "الفهم" ذا أهمية كبيرة باعتباره تقديما موفقا لتجربته الشعرية في ضوء المعاريف الأسلوبية الحديثة، ويصح، من هذه الزاوية، أن يحمل عنوانا أكثر دقة وهو "تجربتنا الشعرية".

    أما محمد بنيس فقد كان للطابع السّجالي الكامن في رسالته (وحملته العنيفة على كل ما اعتبره قديما أو متجاوزا أو رجعيا) أثر كبير، فاتسمت بسمتين: 1) الانطباعية التي تغطي صفحات من القذف في هذا والتنويه بذاك (انظر نموذجا لذلك في ص 45). فاحتوت رسالته على معجم من هذا القبيل تجد فيه: "المواجهة العنيفة" "الصدمة المفجعة"، "اقتلاع جذور التعفن" "فرض سيادة الحرية الذاتية"، الانفجار، التحطيم، الوعي التشنج، الفتح، تفجير الطاقات.. الخ.

    ونجد مثل ذلك في تقويماته حيث تتسرب لغة السياسة والمجتمع إذ يصف البنيات بالتقدم والرقي والتخلف.

    وهذه لغة يصعب أن تجد لها موقعا في الوصف البنيوي المفترض اعتماده في الخطوة الأولى من البحث (انظر 389).

    والطابع الثاني هو التبريرية الهادفة إلى المصادقة على مجموعة من البنيات الفكرية التي يبدو أنها أخذت مسبقا من الواقع السياسي فبنية السقوط والانتظار القائمة على الغموض والتجريب هي، على ما أتذكر تُهمة اليسار الجديد لليسار القديم في نهاية الستينات وبداية السبعينات، فقد كانت التهمة الأساسية، هي غياب النظرية أو الغموض النظري واحتراف الممارسة والتجريب، ونظرا لأن أغلب شعراء الستينات مرتبطون باليسار القديم، فهذه بنية محتملة في شعرهم لا يحتاج المؤلف إلا للبرهنة عليها، ولم تكن البرهنة مقنعة لا في الحديث عن "بلاغة الغموض" ولا في "التجريب" ولا في غير ذلك مما دعاه المؤلف متواليات (وهذا أمر لا يتسع المجال لشرحه وقد شرحناه في مناسبة سابقة)[[1]].

    أما عبد الله راجع فقد نظر إلى أنه هو وجيله تجاوزا الشهادة التي قد يشترك معهم فيها الغير إلى الاستشهاد الذي هو في نظره قَدَرُ شاعر السبعينات؛ برومثيوس الذي يحترق في سبيل الآخرين، "إنه البطل المخلص" كما يقول. وهو يربط بين التضاد والانزياح، وبين علاقة الشاعر بالواقع، يقول: "فالشاعر، مهوس بالانحراف، ومسكون بالرغبة في الكشف عن تنافر لا يمكن أن يكون لغويا (فقط)، دون أن تكون له جذوره النفسية والفكرية، إننا أصلا أمام إحدى صور انعدام التلاؤم بين المبدع والواقع تأخذ على مستوى اللغة طابع التضاد والتنافر الدلاليين" (4992).

    كما اعتبر هدم العروض وهدم الواقع صنوين ... إلىغير ذلك من الاستنتاجات التي تطرح عدة تساؤلات من أهمها:

    الانغلاق على الواقع المحلي و المرحلي و عدم النظر إلى طبيعة الفن الشعري، الذي أدى بهما إلى استخلاص نتيجتين متعارضتين: ففي حين اعتبر الغموض (وهو مظهر من مظاهر الانزياح و عرض من أعراضه) من مظاهر غموض الرؤية و عنصرا من عناصر السقوط و الانتظار في نظر محمد بنيس، اعتبر عند عبد الله راجع مظهرا من مظاهر مفاجأة الواقع، وعنصرا من عناصر الشهادة والاستشهاد.

    و في حين يعتبر محمد بنيس التجريب في مجال العروض مظهرا من مظاهر غلبة الممارسة على التنظير و الميل إلى التذبذب و الخلط الفكري، ويرى راجع أن تحطيم العروض و تحطيم الواقع صنوان، فهما صفتان من صفات برمثيوس المخلَص، يقول:

    "إن برومثيوس هو الشخص الذي قدم جسده و فكره مقابل أن تشرق الشمس في وطن الصقيع"، وإذا كان كذلك "فإنه سيكون حتما الشخص المتنافر مع الواقع، وسيكون المفتت المدمر لهذا الواقع" (2/504).

    لقد اعتمد المؤلفان على نظرية الانزياح كما صاغها جان كوهن في كتابه "بنية اللغة الشعرية". وهي نظرية قديمة حديثة يمكن رصدها في بلاغة أرسطو فيما ترجمه الفلاسفة المسلمون ب"التغيير"، كما يمكن رصدها في البلاغة العربية ابتداء من حديث الجاحظ عن الغرابة والطرافة والعجب والبديع. فالانزياح سواء حصر في الخروج عن سنن اللغة، كما هو عند كوهن، أو تعداه إلى الانزياح عن السياق والتقاليد الفنية والثقافية هو خاصية شعرية لا تختص بها حركة شعرية حتى نجعلها، أو نجعل بعض مظاهرها، مثل الغموض، سمة لفئة أو ثقافة محددة.

    والواقع أن الجمع بين مهمتي الوصف البنيوي للنص الشعري وما يتطلبه مكن معرفة لغوية وبلاغية وبين التفسير السوسيولوجي في المرحلة التي كتب فيها الكتابان من الثقافة المغربية ومن ثقافة المؤلفين معا تبدو مهمة صعبة، فلحد الآم مازالت المعرفة اللسانية البلاغية بالشعر في طور الترجمة من الفكر الغربي وإعادة قراءة التراث العربي.

    لا بد من الوعي بالميكانيزمات الشعرية وتفاعلها لإنتاج الأدبية ومراعاة السياق العالمي والقومي لتطور الأشكال قبل الحديث عن الخصومات التي يمكن ربطها بالرؤية الخاصة بالشعراء المدروسين.

    [3] نحو البنيوية الشكلانية والسميائيات


    إذا كانت مجلة "أقلام" (1964) علامة على عقد الستينات الذي يمكن اعتباره عصر الأنوار الذي سيفجر العقد اللاحق له بما أنجزه في مجال التعليم ونشر المعرفة الفلسفية في صورتها الإيجابية، وكانت مجلة الثقافة الجديدة 1975 علامة على السبعينات حيث طرح إشكال تواصل الفكر والإبداع والواقع: كيف وفي أية صيغة؟ فإننا نعتقد أن مجلة دراسات أدبية ولسانية(1985) كانت علامة على الثمانينات بتوجهها العلمي البحت. فعقد الثمانينات هو عقد البحث عن الإنسان أولا. لا مجال لتغييبه أو النيابة عنه. المظهران البارزان لذلك متجليان بوضوح في شعاري العلم وحقوق الإنسان. لم تعد حقوق الإنسان شغلا لمن لا شغل له من الأطر البرجوازية ذات النزوع الإنساني، بل صارت اللبنة الأولى في بناء الديمقراطية، وكذلك صار العلم وسيلة للتحرر.

    بين كل مجلة وأخرى عقد من الزمن، تمثل كل واحدة حاجيات ثقافية ملموسة.

    ولئن لوحظ الاهتمام بالنتاج البنيوي منذ أواخر السبعينات فإن البنيوية ظلت مجرد لبنة في بناء يغلب عليه الطابع الواقعي والتكويني السوسيولوجي غير أنه سرعان ما عملت ظروف متضافرة على دفع البحث البنيوي المتخصص نحو الصدارة: فمن جهة كان هناك انكسار المد اليساري الذي تمخضت به السبعينات بما عرفته من اعتقالات واسعة ومحاكمات بلغت الذروة في الاتساع والشمول بما أحاط بإضراب رجال التعليم من إجراءات متميزة (). ومن جهة ثانية عرفت الجامعة المغربية توسعا كبيرا وظهرت تخصصات علمية جديدة ودقيقة إسوة بما آل إليه الأمر في الجامعات الغربية وخاصة الفرنسية التي كان الاتصال بها قويا، والأمريكية التي يتقوي الاتصال بها يوما عن يوم.

    ومن حاجيات التدريس وتحت تأثير المثاقفة حوَّل النهر مجراه نحو البحث العلمي الخاص فكان من علامات هذا التحول ترجمة مجموعة من المؤلفات الأساسية في البحث البنيوي في الشعر. لا يتسع المقام لذكرها جميعا منها: نصوص الشكلانيين الروس 1982، وبنية اللغة الشعرية 1986، وقضايا الشعر عند ياكوبسون.. وغيرها.

    وتميز منتصف الثمانينات بظهور عدة كتب في السيميائيات الأدبية، منها: محاضرات في السيميولوجيا، لمحمد السرغيني، وسميائيات النص الأدبي لأنور المرتجي[2]. وقد اتسم عمل محمد مفتاح في هذا المجال بالاستمرار والتصاعد فمن كتابه في سيمياء الشعر، إلى تحليل الخطاب الشعري ، استراتيجية التناص، إلى دينامية النص، يسير الباحث نحو ضبط المرجع بالانتقال من الوسائط إلى المنطلقات الابستمولوجية ومحاورتها مباشرة في أفق استقلال نظريل[[3]].

    غير أن ما نال الشعر المغربي الحديث والمعاصر من هذا المشروع ما يزال محدودا جدا أكثره رسائل جامعية في طور الإعداد، أو مما نوقش ولم يطبع بعد مثل أطروحة محمد الماكري عن الفضاء الشعري (جامعة محمد الخامس)[[4]]، وأطروحة العربي الحمداوي حول الشعر الوجداني في المغرب (1930/1960 جامعة القاهرة)[[5]].

    أما المقالات المطبوعة فلعل أقربها لهذا المنحى، فيما نعلم، ما نجده في كتاب دينامية النص للأستاذ محمد مفتاح حيث حلل قصيدة "القدس" للشاعر أحمد المجاطي، وقصيدة "قصائد إلى ذاكرة من رماد"س، للشاعر محمد الخمار الكنوني، تحليلا سيميائيا. وإذ نتحاشى التعليق على الأعمال المخطوطة نترك الحكم على هذا الاتجاه السيميائي للمستقبل.














    7 [1] ـ انظر مقالنا: "قضايا المنهج في كتابي:

    ـ ظاهرة الشهر المغربي المعاصر.م. بنيس.

    ـ وَبنية الشهادة والاستشهاد. عبد الله راجع

    ضمن أعمال ندوة ثلاثون سنة من البحث العلمي بجامعة م. الخامس/ بالرباط 1992

    .


    [2] ـ كنت قرأت هذا الكتاب قراءة نقدية في مقال نشر بعنوان: ..... الملحق الثقافي


    [3] ـ نشرت قراءة المشروع محمد مفتاح في مجلة علامات السعودية العدد:


    [4] ـ طبع هذا الكتاب بعد ذلك بالدار البيضاء.


    [5] ـ طبع بالدار البيضاء..

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 24 نوفمبر - 9:35