السعادة !
الشيخ : عبداللطيف بن هاجس الغامدي
انشقَّ القمر إلى فلقتين !
قطعة منه بين يديه ، وما تبقى منه قد اخترق حُجب الفضاء .. معلَّقٌ بين الأرض والسماء كقنديلٍّ وهَّاج !
هكذا ظنَّ الزوج في ليلة عرسه
رقصت له فراشات الفرح ، وولد مولود الهناء من رحم الحياة ..
نطقت تباشير السعادة من فم الزمان ..
وشقَّ الضياء بخنجر النور خاصرة الليل المظلم ، وأرسلت شمعة السرور أطيافها في السرداب المعتم
كانت الليلة الأولى ـ ويا لها من ليلة ! ـ ثم تتابعت تفاصيل الحكاية بفصولها الأربعة
عاشا كعصفورين متناغمين في كنف الأحداث ..
وكغزالتين هانئين ترتعان في حقول الأيام ..
وكنحلتين سعيدتين برشف رحيق اللذة من بين أحضان الأزهار
ونمى حبل الأمل مع تحريك الجنين الأول في بطن زوجته ..
نبتت معه فسائل الأماني ، وترعرعت بوجوده شجرة الأحلام ..
هل يكون عالماً ؟ أو مجاهداً ؟ أو داعية ؟!
تُرى ما لونه ؟ وكيف أوصافه ؟
أهو كوالده الفارع في الطول ؟ أم أنها نحت في الجمال كوالدتها الرقيقة ؟
أسئلة حائرة تتابعت في السقوط كأوراق الخريف ، لتجثم ـ بلا جواب ـ عند جذور التخمين والتوجس والانتظار !
الجميع في انتظار لحظات الإشراق ، لتطلَّ برأسها كالصبح شمس الحقيقة !
وخطت بهما أقدام الزمان لتقف بهما عند عتبة لحظات الولادة ..
كانت القلوب تخفق في وجل ، واللهفة سيدة الموقف بلا منازع !
وبعد أوجاع المخاض لبدنها ولقلبه ، دوَّى بكاء الصغيرة في أرجاء المكان ، لتهطل سحابات الفرح بزخَّات الابتسامات ..
وفي غمرة السرور أطل الحزن بوجهه الكالح ، ليطعن الفرح في مقتله !
فعجباً للحظات السعادة ما أعجلها !
وحلَّت الفاجعة ..
فالبنت الصغيرة مصابة بنقص حادٍّ في الدماغ ، ستظل به ـ في عرف الأطباء ـ حبيسة الفراش بلا كلام أو فهم أو حراك حتَّى الموت .. !
وستنمو كشجيرة ذابلة حتى تلتهم ما كتب لها من حياة ، ثم تكون النهاية كشمعة تأكل أطرافها حتى يمحوها العدم ..
وكان الألم !!
أنشب الحزن مخلبه في كبد الحياة .. ففاضت من العين أوجاع وأوجاع !
وبعد أن سكنت عاصفة الحزن ، جلسا والطفلة بينهما ، تغطُّ في سبات عميق ..
قال لزوجته : ما رأيك أن تكون هذه الفتاة سرُّ سعادتنا ؟!
زمَّت بشفتيها ، وهزت رأسها ، وكأنما تريد أن تقول له : ما هذا الهذيان ؟! كُفَّ عن العبث بالجراح القديمة !
افترَّ ثغره ببسمة حانية ، وقال : كم ستظل سعادتنا بها لو كانت سليمة ؟!
لم تُجب ، فأجاب : عشر سنوات ، عشرون ، ثلاثون ... ثم النهاية لنا ولها ، ولكن ؛ لو جعلناها سبب سعادتنا في الحياة التي لا تنتهي أو تنقضي ، لكنَّا بها سُعداء أبد الآبدين وخلود الخالدين ، فالرضا بالقضا ، سبب لرضى الله في يوم القضاء والحساب ، إنما الصبر والاحتساب ، فأرِ الله منك خيراً .. يا زوجتي المؤمنة !
ارتوى القلب من نبع الإيمان ، فانقشعت عواصف الحزن ، وأطلت الشمس صافية في كبد السماء تعلن ميلاد يوم جديد ..
وفجأة !
استيقظت الفتاة من نومها .. وعلت وجهها ابتسامة صغيرة كعمرها !
الشيخ : عبداللطيف بن هاجس الغامدي
انشقَّ القمر إلى فلقتين !
قطعة منه بين يديه ، وما تبقى منه قد اخترق حُجب الفضاء .. معلَّقٌ بين الأرض والسماء كقنديلٍّ وهَّاج !
هكذا ظنَّ الزوج في ليلة عرسه
رقصت له فراشات الفرح ، وولد مولود الهناء من رحم الحياة ..
نطقت تباشير السعادة من فم الزمان ..
وشقَّ الضياء بخنجر النور خاصرة الليل المظلم ، وأرسلت شمعة السرور أطيافها في السرداب المعتم
كانت الليلة الأولى ـ ويا لها من ليلة ! ـ ثم تتابعت تفاصيل الحكاية بفصولها الأربعة
عاشا كعصفورين متناغمين في كنف الأحداث ..
وكغزالتين هانئين ترتعان في حقول الأيام ..
وكنحلتين سعيدتين برشف رحيق اللذة من بين أحضان الأزهار
ونمى حبل الأمل مع تحريك الجنين الأول في بطن زوجته ..
نبتت معه فسائل الأماني ، وترعرعت بوجوده شجرة الأحلام ..
هل يكون عالماً ؟ أو مجاهداً ؟ أو داعية ؟!
تُرى ما لونه ؟ وكيف أوصافه ؟
أهو كوالده الفارع في الطول ؟ أم أنها نحت في الجمال كوالدتها الرقيقة ؟
أسئلة حائرة تتابعت في السقوط كأوراق الخريف ، لتجثم ـ بلا جواب ـ عند جذور التخمين والتوجس والانتظار !
الجميع في انتظار لحظات الإشراق ، لتطلَّ برأسها كالصبح شمس الحقيقة !
وخطت بهما أقدام الزمان لتقف بهما عند عتبة لحظات الولادة ..
كانت القلوب تخفق في وجل ، واللهفة سيدة الموقف بلا منازع !
وبعد أوجاع المخاض لبدنها ولقلبه ، دوَّى بكاء الصغيرة في أرجاء المكان ، لتهطل سحابات الفرح بزخَّات الابتسامات ..
وفي غمرة السرور أطل الحزن بوجهه الكالح ، ليطعن الفرح في مقتله !
فعجباً للحظات السعادة ما أعجلها !
وحلَّت الفاجعة ..
فالبنت الصغيرة مصابة بنقص حادٍّ في الدماغ ، ستظل به ـ في عرف الأطباء ـ حبيسة الفراش بلا كلام أو فهم أو حراك حتَّى الموت .. !
وستنمو كشجيرة ذابلة حتى تلتهم ما كتب لها من حياة ، ثم تكون النهاية كشمعة تأكل أطرافها حتى يمحوها العدم ..
وكان الألم !!
أنشب الحزن مخلبه في كبد الحياة .. ففاضت من العين أوجاع وأوجاع !
وبعد أن سكنت عاصفة الحزن ، جلسا والطفلة بينهما ، تغطُّ في سبات عميق ..
قال لزوجته : ما رأيك أن تكون هذه الفتاة سرُّ سعادتنا ؟!
زمَّت بشفتيها ، وهزت رأسها ، وكأنما تريد أن تقول له : ما هذا الهذيان ؟! كُفَّ عن العبث بالجراح القديمة !
افترَّ ثغره ببسمة حانية ، وقال : كم ستظل سعادتنا بها لو كانت سليمة ؟!
لم تُجب ، فأجاب : عشر سنوات ، عشرون ، ثلاثون ... ثم النهاية لنا ولها ، ولكن ؛ لو جعلناها سبب سعادتنا في الحياة التي لا تنتهي أو تنقضي ، لكنَّا بها سُعداء أبد الآبدين وخلود الخالدين ، فالرضا بالقضا ، سبب لرضى الله في يوم القضاء والحساب ، إنما الصبر والاحتساب ، فأرِ الله منك خيراً .. يا زوجتي المؤمنة !
ارتوى القلب من نبع الإيمان ، فانقشعت عواصف الحزن ، وأطلت الشمس صافية في كبد السماء تعلن ميلاد يوم جديد ..
وفجأة !
استيقظت الفتاة من نومها .. وعلت وجهها ابتسامة صغيرة كعمرها !