أثار مازونة
كانت مدينة مازونة عاصمة الغرب الجزائري في عهد العثمانيين و تعتبر مهد الحضارات الإسلامية و هي المدينة الوحيدة التي لم يطأها الاستعمار الفرنسي إذ توجد بها مدينة مازونة القديمة كلها آثار قائمة بذاتها إلى يومنا هذا و بها محكمة قديمة و عدة مساجد عتيقة يعود تاريخها إلى العهد العثماني .
- مدرسة قرآنية عتيقة يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر الهجريوتأسست من طرف الشيخ سيدي بن شارف وبها أضرحةلمجموعة من العلماء الذين عاشوا و درسوا في تلك الحقبة الزمنية .
مسبح تامدة : أستخدم كمكان للراحة و الاسترخاء و هو عبارة عن مسبح كبير يتربع على مساحة تقدر بـ : 400 م2 و بعمق 2 متر يصب فيه منبع طبيعي و يقع تحت صخور ضخمة و تحيط به أشجار ومساحات خضراء ذات منظر خلاب وهوعبار عن مكان رطب في فصل الصيف وكذلك احتواءه على مجموعة هائلة من الطيور مما يزيده رونقا و جمالا .
- مسجد سيدي عيسى أو عزوز الذي شيد من طرف العثمانيين .
- محكمة قديمة كانت تستعمل للقضاء من طرف الأتراك .
المدرسة الفقهية
المدرسة الفقهية بمازونة صرح علمي وديني تخرج منها أبو راس الناصري
اشتهرت مدينة مازونة منذ أقدم العصور بمدرستها الدينية المختصة في الدراسات الفقهية ، و قد عرفت بكثرة مجالسها و نجابة طلبتها و قريحة أشياخها ، و لعل من أشهر شيوخ مازونة هو الشيخ محمد أبو طالب بن عبد الرحمان بن محمد بن المعروف بابن الشارف المازوني ، وهومن أسرة معروفة بالشرف و لا تزال عائلة هني إلى يومنا هذا تحتفظ بشجرته الشريفة وهي على النحو التالي: ( أبو طالب محمد بن علي بن عبدا لرحمان بن محمد المعروف بابن الشارف بن أحمد بن علي بن عبد العزيز بن علي بن منصور بن محمد ابن أعمر البلداوي ابن محمد بن عبد الله بن موسى بن مسعود ابن الحسن بن سليمان بن إبراهيم بن عيسى بن محمد بن أحمد بن ادريس الأصغر بن أدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسنين بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . فإن هذه الشجرة الشريفة نقلت حرفيا من كتاب الأصل، إلا أن المصادر المتاحة لا تذكر تاريخ ميلاد الشيخ أبو طالب محمد بن علي المازوني ، و لكنها تتفق على تاريخ و فاته و هو سنة 1233 هـ ، كما تذكر نفس المصادر أنه توفي عن عمر يناهز مائة و ثلاثين عاما
فقد كان من المعمرين و بعملية حسابية بسيطة ، يمكن أن نستنتج تاريخ ميلاده بسنة 1103 هـ وهو ما أشار إليه الشيخ السنوسي المكي في كتابه ( البذور السافرة ) قائلا : ( كان مولد أبي طالب على ما أخبرني به بعض أصحابه أواخر المائة الحادية عشر أو مقاربا لأول الثانية ) .
وتعلم مبادئ القراءة و الكتابة وحفظ القرآن الكريم على يد والده علي بن عبد الرحمان ، وذلك بمدرسة مازونة ، وهي المدرسة التي أسسها جده الأعلى محمد بن الشارف سنة 1029 هـ ، هذه المدرسة المتكونة من مسجد جامع للصلاة إضافة إلى بعض المرافق التابعة له ، و التي كانت تستعمل لإيواء الطلبة .
ثم تلقى عن الشيوخ مازونة التي بلغت شهرتها في ذلك الوقت الآفاق، وصفت بكونها مازونة بلد الفقه بالقطر الجزائري ، و اشتهر شيوخها بالتخصص، فبعضهم تخصص في شرح مختصر خليل و البعض في القضاء و الأحكام و البعض الآخر مقصور على الفرائض ، وكل مشهور ومعروف بتخصصه ، ولا يعرف سواه ، إلا أن المقصور عليه هو حجة فيها كما قال أبو راس الناصري .
كما تلقى رواية الحديث النبوي الشريف و إسناده عن الكثير من علماء العصر ، أشهرهم شيخ الجماعة بالجزائر أبو عبد الله محمد ابن جعدون، كما كان يروى عن الشيخ ابن علي الزواوي .
حلقات علمية متميزة :
وعلى اعتبار أن أبا طالب محمد بن علي المازوني هوا لوريث الشرعي لمدرسة مازونة التي ورثها أبا عن جد ، فقد نصب فيها للتدريس مبكرا ، و كانت له حلقة علمية متميزة حافلة بالطلبة ، وكان يدرس طلبته في الفقه مختصر خليل وشرحي الخرشي و الزر قاني ، كما يدرسهم الرقائق ورواية الحديث وحفظ السند .
و قد تعجب أبوراس الناصري من حلقة شيخه أبو طالب المازوني و من كثرة تلاميذه ومن شعبيته و حب الناس له و إقبالهم عليه ، لكنه مع ذلك شكك في كفاءة تلاميذه و في طريقة تدريسه .
و قد تخرج على يد أبي طالب علماء كثيرون لعل أشهرهم: أبو راس الناصري العسكري صاحب التأليف الكثير التي جاوزت المائة ، و صاحب كتابي عجائب الأسفار و الحلل السندسية وغيرهما ، ومن تلاميذه محمدة بن علي السنوسي نزيل جغبوب بليبيا أخذ عنه في الفقه و روى عنه ثبته المعروف ، ومن أشهرهم أيضا عدة بن غلام الله محمد الميسوم و أحمد بن الشارف بن تكوك وغيرهم .
اشتهر محمد أبو طالب المازوني بقلة الإنتاج و التأليف و لا نعرف أنه قد ترك آثارا مكتوبة ما عدا حاشية علي الخراشي ، كما ساهم الشيخ محمد بن علي أبو طالب في محاربة الغزو الصليبي الإسباني ، ففي سنة 1205 هـ جند الباي الكبير باي معسكر آنذاك عسكره و وضع العلماء في طليعة المحاربين ضد الإسبان ، لأنه كأن يعرف مكانه العلماء لدى العامة، و قد أضاف الباي محمد الكبير إلى قيادة الرباط ، وجعله أميرا على الطلبة ، رفقة الشيخين محمد بن الموفق بوجلال ، و الطاهر بن جوى القاضي بمعسكر ، خاصة و أن الطلبة أصبحوا يشكلون فرقة عسكرية كبيرة