ملخص العرض
يدور الكتاب حول فكرة تعريف النص بدقة, وتمييزه عن غيره خاصة عن الخطاب.
ويقدم الكاتب مصطلحات ووجهات نظر جديدة في الحقل الروائي مستلهمة في غالبها من نقاد الرواية الغربية, خاصة في المسائل التي تناقش التفاعل النصي , وكيف يحدث وما هي أشكاله و مستوياته وما هو تأثير هذا التفاعل على النص والقارئ.
يخصص لانفتاح النص من حيث الزمن جزء كبير من الكتاب إذ يناقش الكاتب ماهية الانفتاح وأسبابه وتأثيره على النص.
يزاوج الكتاب بين النظرية والتطبيق, من خلال اعتماده على ست روايات عربية ظهرت بعد هزيمة حزيران (1976م) تشكل الهزيمة نقطة التقاء لها جميعا .
واستطاع الكاتب من خلال هذه الروايات أن يستحلي كيفية تعامل هذه الروايات مع الهزيمة وكيف عبرت عنها وانطلقت من خلالها
أخيرا, ركز الكتاب على مفهوم (الزمن الروائي) ومايزه عن أزمنة أخرى خاصة في ربطه بالزمن الواقعي وأكد على ضرورة الابتعاد عن الإسقاطات الواقعية وربط الأحدث الفعلية بالأحداث الروائية
تقديم
الكتاب من القطع المتوسط ويحتوي على (160 ) صفحة ويضم ثلاثة فصول هي :
الأول : في بناء النص .
الثاني : في تفاعل النصوص .
الثالث : في البنيات السوسيو نصية .
يرتبط هذا الكتاب بالإصدار السابق للكاتب نفسه بعنوان " تحليل الخطاب الروائي" إذ يسعى كلا الكتابين إلى توسيع السرديات البنيوية .
ويضع الكاتب في مقدمته تعريفاً جدلياً للنص يدور الكتاب بمجمله حول محور هذا التعريف ، فهو يرى أن النص :
" بنية دلالية تنتجها ذات ضمن بنية نصية منتجة في إطار بنية سوسيو نصية " .
وقد أتخذ الكاتب من نصوص روائية عربية جديدة - آنذاك- محاولاً التطبيق عليها وطرح السؤال المركزي عليها : كيف تعاملت هذه النصوص مع هزيمة حزيران عام 1976م ؟ وكيف عبّرت عنها وتفاعلت معها و ما هي دلالة هذا التعبير ؟
النصوص هي :
رواية الزيني بركات / جمال الغيطاني ، وأنت منذ اليوم / تيسير السبول ، و الزمن الموحش / حيدر حيدر ، و الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل / لإميل حبيبى ، و عودة الطائر / حليم بركات .
مدخل إلى تحليل النص الروائي :
يناقش سعيد يقطين في استهلاله هذا كلاً من " الخطاب " و " النص " خاصةً عند عدد من النقاد الغرب و يعترف أنه يستلهم آراء بعضهم في بعض المسائل ، ويخلص من استنتاج آراء " شلومين" ، "وفاولر" ، و"ليتش" ، و"نورت" حول النص بأنه مسجل - اي النص- من خلال تجليه " الكتابي " فهو ما نقرأ وهو ما يتجلى على الورق أمامنا ، فهما - الخطاب والنص - يختلفان من حيث الصلة بالقارئ والوظائف المنوطة بكل منهما .
النص ونظريات النص
يعرض سعيد يقطين هنا لمقاربات نظرية تسعى إلى تحديد " النص " انطلاقاً من مبادئ محددة ويركز على وجهته نظر كل من "كريستيفا" ، و"بارت" ، و"بول ريكور" ، و"لافون" ، و"مادري" ,لكنه يستلهم آراء وتصورات " بيير زيما " وينطلق منها .
وبعد عرض ليس بالقصير لآراء هؤلاء يخلص إلى أن التمييز بين الخطاب والنص له منطلقاته النظرية والمنهجية ، والذي يهمنا من هذا كله هو تصور الكاتب للمسألة ، إذ يرى أن
الخطاب مظهر نحوي يتم بواسطته إرسال القصة ، أما النص فهو مظهر دلالي يتم من خلاله إنتاج المعنى من لدن المتلقي .
لكنه يؤكد أن هذا التمييز هو إجرائي تفرضه دواعي التحليل ، إضافة إلى أننا في الخطاب نقف عند حدود الراوي والمروي له ، أما في النص فنتجاوز ذلك إلى الكاتب والقارئ .
مدخل إلى تحليل النص الأدبي :
يحاول الكاتب الاستفادة من الآراء المعروضة حول النص ومن جوانب لم يُلتفت إليها فيه سابقا منطلقا من أسئلة بسيطة ظلت تتعقد ويحاول ان :
أولاً : تقديم تعريف للنص .
ثانياً : ربط النص بالخطاب .
وفي تعريفه للنص يستلهم آراء " كريستيفيا" ، "زيما" ، "هاليداي" بصورةٍ غير مباشرة ويحدد تعريف النص على الوجه التالي :-
" النص بنية دلالية تنتجها ذات – فردية أو جماعية – ضمن بنية نصية منتجة ، وفي إطار بنيات ثقافية واجتماعية محددة " .
ونلحظ أن هذا التعريف يتكون من:
1- العنصر البنيوي :
أ- بنية دلالية " النص يستوعب دالاً ومدلولاً " .
ب- بنية نصية " النص نحوي وصرفي " .
جـ - بنية ثقافية واجتماعية " سلطة الزمن على تحديد المعنى الجدلي للكلمة ".
2- العنصر الإنتاجي : العلاقة بين هذه البنيات علاقة فعل وتفاعل وصراع (أي إنتاج ) .
ثم يناقش الكاتب تعريفه الجديد للنص ويضع كل كلمة فيه موضع التدقيق و يمكننا اختزال ذلك التعريف بـ :
1- البناء النصي : بمعنى أن النص بنية دلالية تنتجها ذات .
2- التفاعل النصي : النص أنتج ضمن بنية نصية منتجة .
3- البنيات السوسيو – نصية : أن النص أنتج ضمن بنيات ثقافية محددة .
الفصل الأول : بناء النص
ينطلق الكاتب من تصوره السابق حول النص وتقسيمه الثلاثي إلى تحليل النص الروائي .
توسيع الزمن : يتحدث الكاتب هنا عن الزمن من خلال بُعد " زمن النص " وقبل هذا يعرض إلى آراء ومقاربات النقاد الغربيين الذين تحدثوا في هذه المسألة بهدف الاستضاءة ببعضها بشكل محدد, لأن أغلبها لم تتجاوز حدود المظهر " اللفظي " لتحليل الزمن ، ثم يبدأ بعرض كلاً من " تودوروف" ، و "هارلد" ، و" فاينريش " والتي تظل تدور في فلك العموميات ونجد نوعاً من التقارب في الحديث عن : " زمن القراءة ، و زمن الكتابة " .
زمن الخطاب إلى زمن النص
يمكننا أن نرتب الأزمنة التي تحدث عنها سعيد يقطين على النحو الآتي :
1- زمن القصة : وهو زمن الحادثة الحكائية في شكلها ما قبل الخطابي ( زمن أحداث القصة في علاقتها بالشخصيات والفواعل – الزمن الصرفي – ) .
2- زمن الخطاب : وهو الزمن الذي تُعطى فيع القصة زمنيتها الخاصة من خلال الخطاب في إطار العلاقة بين الراوي والمروي له ( الزمن النحوي) .
3- زمن النص : وهما : أ- الزمن الذي يتجسد من خلال الكتابة .
ب- الزمن الذي يتجسد من خلال القراءة .
ومن خلال العلاقة بين بُعدي زمن النص يتم إنتاج الدلالة ، على مستويين هما :
1- البناء على المستوى الداخلي : يمكننا تحليله من خلال تجسيد التفاعل الحاصل بين زمن القصة والخطاب أي أن الكاتب يرهّن (يجعله مضارعاً) الحدث التاريخي ويبني عالماً زمنياً خاصاً به .
2- البناء على المستوى الخارجي : وهو تفاعل زمن النص من خلال فعل القراءة ، وعبره يتم إنتاج دلالة النص من لدن القارئ .
بناء النص على المستوى الداخلي
يقف الكاتب هنا على البناء الداخلي للنص ، ويلاحظ تعالق زمن القصة( الأحداث الحقيقية ) بزمن الخطاب ( لحظة تخّطيب الحدث ) ولأجل ذلك :
1- يسترجع الكاتب علاقة زمن القصة بزمن الخطاب (من خلال الروايات المطبق عليها) .
2- معاينة هذه العلاقة .
3- استنتاج دلالات هذه العلاقات .
في النصوص الروائية التي جعلها الكاتب محور تطبيقه يمكننا أن نلحظ على هذه النصوص ، من حيث كونها تالية زمانياً للحكاية ، فهي على بعدين :
1- مادة تاريخية : كما في رواية الزيني بركات .
2- قصة حياة : كما في ( المتشائل ، الزمن الموحش ، أنت منذ اليوم ، عودة الطائر إلى البحر ) .
إن قصة الزيني بركات تبدأ وتنتهي في القرن العاشر الهجري أما قصة حياة المتشائل وشلبي فهما منتهيتان في زمن قريب من حياة الراوي , ونفس الشيء ولكن بامتداد إلى حاضر الكاتب نرى قصة " أنت منذ اليوم" ، و "عودة الطائر " .
ثم يبدأ الكاتب بتحليل النصوص محاولاً أن يلحظ كيف سيشتغل كتاب النص زمانياً على مادة سابقة له وكيف يسترجعها ويبنيها زمانياً ثم ينتجها دلالياً .
وفي محاولة الكاتب التطبيق الدقيق على النصوص السابقة يخلص إلى نقطتين أساسيتين هما :
1- ترهين المادة الحكائية : فالزمان هنا ليس زماناً تقليدياً ، إنه الزمن الحاضر على مستوى الصيغة والدال على الحال والاستمرار .
2- تكسير البناء الخطي : من خلال " اللعب الزمني " كالبدء بالاستباق والرجوع إلى نقطة البدء .
وبربط النقطتين السابقتين تتضاعف مشاكل المتلقي وتتأكد لدينا خصوصية زمن الخطاب الروائي ، إذ أننا أمام زمن مختلف عن السائد .
بناء النص
يقصد الكاتب بالبناء النصي هو ما يضعه الكاتب من عناوين وتقسيم النص إلى أبواب وأقسام .
وما يقوم به المؤلف هنا هو الاعتماد على هذه الإشارات البنائية في معاينة علاقة القصة بالخطاب .
ويحتل جمال الغيطاني في رواية الزيني بركات المساحة الأكبر في محاولة قراءة إسهامات " بناء النص " أي توزيع الكاتب للفصول والأبواب في الخطاب الروائي .
فهذه الرواية مقسمة إلى سبعة سرادق – خيمة تنصب للمناسبات – وافتتاحية لرحّالة بندقي في فترة كانت القاهرة على أبواب الهزيمة والتحول من عصر المماليك إلى العثمانيين .
فإذا تخيلنا النص مجلساً كبيراً تدور فيه الأحاديث فإن المقدمة لا تدخل في هذه التسمية إنما هي عتبة ,والأخيرة هي الباب الذي نخرج منه من النص " ما بعد السرادق ".
وفي رصده لأحداث الرواية التفصيلية يعاين الكاتب حركات ثلاثة هي :
1- تعيين الزيني بركات .
2- اللقاء " بين الزيني و زكريا " .
3- الحرب – الهزيمة .
فالغيطاني قدم بناءاً متماسكاً يمكننا أن نسجل أنه دائري مفتوح يتجلى بوضوح على مستويين :
الأول : في الشتاء ويشمل ثلثي النص فتجدنا أمام حرب داخلية يخوضها جهاز " البصاصين " ضد الشعب في شخص الجهيني .
ثانياً : في الصيف تجدنا أمام حرب خارجية من خلال الاحتلال العثماني .
فالشتاء طويل لا يلبس فيه السلطان إلا الصوف الأسود ويتسع هذا الشتاء للحركتين " التعيين واللقاء " بينما الصيف قصير لا يلبس السلطان إلا اللباس الأبيض ويتسع لحركة واحدة هي الحرب والهزيمة .
يظهر إذاً أن النص دائري يتطور فيه الزمن إلى الأمام ويزداد حدّة ، فالزيني أعتى من أبي الجود ، والزيني في ظل العثمانيين أعتى منه في ظل المماليك ، والدوائر هنا تتصاعد , فإن لكل نهاية بداية جديدة ، فالسواد – الحزن – يأتي بعده البياض – الفرح – لكن سرعان ما ينتهي الأبيض بالأحمر – موت السلطان – .
لذ يمكننا اعتبار أن كافة العناصر – نحوية / دلالية – تتظاهر لتقديم هذا البناء الدائري المنفتح ، سواء على مستوى علاقة القصة بالخطاب أو على مستوى زمن النص .
ويفعل الكاتب ما فعله في نص الزيني بركات مع باقي النصوص وإن بشكل مقتضب ويؤكد على الدائرية للنص والانفتاح كذلك ، ففي " الزيني بركات " نبدأ بالظلام ونعود إلى الضوء وفي " اليوم السابع "في عودة الطائر إلى البحر يتأكد لنا أن العربي لم يخلق إلا لمزيد من الظلام .
انفتاح النص وانغلاقه
يحاول الكاتب هنا أن يقف على انفتاح النص أو انغلاقه من خلال استخلاص أهم العناصر التي راكمها في التحليل مع ربط ذلك بالموقف من الزمن ، فالكاتب وهو يقدم تجربته من خلال ترهين الحكي وتكسير خطية التسلسل هو فعلا يقدم بناءاً جديداً وهذا البناء يستلزم دلالة مفتوحة ونصاً جديداً .
والنصوص التي تناولها الكاتب في فترة واحدة من 1969 – 1974م , كانت الهزيمة نقطة نهاية النص ، فالنص كان – منفتحاً – زمانياً على الزمن فهو يقف عند الهزيمة كفترة زمنية حاسمة لكنه يرى أنها منفتحة على الماضي ومفتوحة على المستقبل ، بل إن هذه الهزيمة ليست إلا بداية البدايات وان ما وقع لم يسبق أن وقع نظير له ، رغم أن الكاتب لا يسقط هزيمة مصر أمام المصريين على هزيمة العرب في 1967م .
بناء على المستوى الخارجي
ويقصد به انفتاح الدلالة عند القارئ عن طريق إعادة بناء النص وفق تصوراته وخلفيته النصية الخاصة به , فالنص في زمن القراءة منفتح بشكل غير محدود لذلك تتعدد القراءات بتعدد أزمنة القراءة .
إذاً تتم عملية انفتاح النص في خلفيته نصوص عديدة من خلال الإستراتيجية التالية :
الكاتب ينتج النص وفي خلفيته نصوص عديدة والقارئ يدخل مجهزاً بتصورات قبلية عن النص ، ومن خلال هذا التفاعل على المستوى الداخلي – الكتابة – والخارجي – القراءة – يتم الانفتاح أو الانغلاق للنص .
ويمكننا بناءاً عليه أن نقسم هذا التصور إلى :
1- النص منفتح والقراءة منفتحة .
2- النص منفتح والقراءة منغلقة .
3- النص منغلق والقراءة منغلقة .
4- النص منغلق والقراءة منفتحة .
ثم يأتي الكاتب بنموذجين , الأول يرى فيه انفتاح النص لكن القراءة منغلقة والآخر فيه النص والقراءة منفتحان .
النموذج الأول : يورد قراءة لكل من "احمد حمود عطية" و"شكري عزيز ماضي" للنصوص نفسها التي تناولها ، ويرى أن هؤلاء قد عاملوا النصوص على أنها أعادة إنتاج نصوص سابقة , فهي حقاً تحاصر النص وتغلقه ، فهي قراءة تقليدية على تصور جاهز للواقع .
النموذج الثاني : وهو انفتاح النص ويقابله انفتاح القراءة فيأتي بنماذج دراسات لكل من "سامية محرز ، و "رضوى عاشور" ،و"خالدة سعيد "،و "حمد براءة
"يرى فيها أنها قراءات منفتحة تسعى إلى بناء النص من جديد عبر الكشف عن آليات بنائه وتركيزها على جوانب بنيوية وداخلية في النص ، فهي لا تستسلم إلى حاجز الوعي وتعمل على إسقاطه على النص .
ويخلص من النموذجين إلى أن انفتاح النص يتأبى على القراءة السهلة والمطلقة والنهائية ، فالمسألة ليست مسألة تطابق زمني أو انعكاس الماضي على الحاضر إنما هي وعي جديد للزمن على صعيد الكتابة أو التجربة .
الفصل الثاني التفاعل النصي :
يحاول الكاتب هنا تفكيك النص الذي بناه في الفصل السابق ، بهدف معاينة علاقة النص بغيره من النصوص التي حاول تمثلها واستيعابها وتحويلها في بنيته النصية .
ويوضح انه يستعمل – التفاعل النصي – مرادفاً للشائع "التناص" و"المتعاليات النصية" لأنه يراها أعمق في حمل النص .
النص والتناص :
يخرج الكاتب بعد عرضه المبسط لأراء ومقاربات "البويطيقيين" أن هذا التناص يأخذ علاقات نصية ومتعددة كثيرة .
النص والتعاليات النصية :
ومعناه :كل ما يجعل النص يتعالق مع نصوص أخرى بشكل مباشر أو ضمني ، وهو خمس أنماط :
1- التناص : وهو خاص بالاستشهاد بنص أو سرقته .
2- المناص : ويأتي في العنوان والعناوين الفرعية والمقدمات .
3- الميتانص : وهو علاقة التعليق الذي يربط نصاً بآخر دون أن يذكره أحياناً .
4- النص اللاحق : وهي علاقة تحويل أو محاكا.
5- معمارية النص : يختص بالشعر والرواية ويأخذ بعداً ناهياً .
النص والتفاعل النصي " تصور الكاتب "
يرى أنه يدرج في أشكال ثلاث :
1- التفاعل النصي : تفاعل نصوص للكاتب نفسه .
2- التفاعل النصي الداخلي : تفاعل نص الكاتب مع نصوص كتّاب عصره .
3- التفاعل النصي الخارجي : تفاعل النص مع نصوص ظهرت في عصور بعيدة .
البنيات النصية :
وهي علاقات يأخذها النص من غيره من النصوص ، وقد لا تكون مباشرة ، لكنها تحمل نسق القواعد والبنيات التي تأسست عليها ككل النصوص .
النص والمتفاعلات النصية :
يرتب الكاتب زمانياً المتفاعلات النصية التي يستوعبها النص الروائي ويتفاعل معها وهي :
1- متفاعلات قديمة :
- تاريخية : بأن يكون لها اقتران في التاريخ من خلال الإشارة إلى وقائع أو شخصيات أو أحداث .
- دينية : من خلال إشارات إلى أسماء دينية أو شعائر عبادية .
- أدبية : سواءً كانت شعرية أو نثرية أو واقعية أم متخيلة .
2- متفاعلات حديثة :
- تاريخية .
- إعلامية
- أدبية و ثقافية.
أنواع التفاعل النصي :
1- المناصة : وهي عملية التفاعل ذاتها وطرفاها هم النص والمناص ، ويستخرج الكاتب أمثلةً من النصوص الروائية , ويمكننا أن نجدها متميزة عن هذا النص ، كأن تكون آية قرآنية أو حديثاً أو مثلاً أو غيره …. ونجدها غالباً بين مزدوجين .
2- التناص : وهي عملية يأتي المتناص مندمجاً ضمن النص ويصعب على القارئ غير المتكون أن يتبينها .
3- الميتانصية : وهو أن يتفاعل النص مع غيره من خلال النقد .
وبعد أن يشير الكاتب إلى أمثلة في النصوص الروائية المشغول عليها , يخلص إلى أن هذه الأنواع الثلاثة تتداخل فيما بينها وتتبادل الفعل وتصبح جزء لا يتجزأ من النص .
أشكال التفاعل النصي :
1- التفاعل النصي الذاتي : وتبرز لنا عندما تكون الخلفية النصية التي يتفاعل معها الكاتب مشتركة ، مثل ما نجده عند جمال الغيطاني عندما انطلق من جزء من تاريخ المماليك كما هو عند "ابن إياس" في "بدائع الزهور في وقائع الدهور" .
2- التفاعل النصي الداخلي : وهو التفاعل الذي يحصل على صعيد إنتاج النص ويتصل بالموقف الكتابي والممارسة الفعلية للكاتب وتجربته هو .
3- التفاعل النصي الخارجي : وهو يقوم على أساس استيعاب النصوص السابقة وتحويلها ونقدها .
مستويات التفاعل النصي :
1- المستوى العام .
2- المستوى الخاص .
وبالمجمل نلاحظ أن التفاعل يشتغل أفقيا وعموديا داخل بنية النص ، واستخراج مختلف الأوجه يوضح علاقة النص مع النصوص السابقة له أو المعاصرة له .
والكاتب هنا يستخلص سمات هذا التفاعل النصي :
1- أن التفاعل مع البنيات القديمة أكثر من الحديثة ، والسبب كان للمعارضة أو للسخرية .
2- هيمنة الميتانص بمختلف ألوانه .
وبتركيزه على نص الزيني بركات يرى تجلي خاصية الاشتغال " النص التاريخي " في سعي لتمثيل روح العصر الراهن .
وهنا تحديداً يتحقق انفتاح النص الروائي ، ففي علاقة النص في أبعاده " الإيديولوجية " والكتابية يأتي النص لينزاح عن الخلفية النصية التقليدية مخلخلاً ثوابتها ومنقذاً إياها .
البنيات السوسيو – نصية
ويقصد هنا أن كل نص – كيفما كان نوعه – يتم إنتاجه ضمن بنية اجتماعية محددة يتفاعل معها وبانعدام هذا التفاعل ينعدم النص .
ويسهب الكاتب في مناقشة آراء الغربيين الذين ارتضاهم ، لكن يمكن إجمال هذه الآراء في رأي " زيما " الذي يرى أن الكاتب باعتباره منتجاً للنصوص ليس معنياً مباشرةً بالقضايا السياسية والاجتماعية والنفسية ، لأنه ببساطة لا ينتج من اجل السياسي أو الباحث الاجتماعي أو النفسي ، انه يكتب بواسطة نصوص ولغه مجتمعية ، فالنص ينتج في إطار بنية نصية شاملة ، وتهتم سوسيولوجيا النص الأدبي بـ :
1- الربط بين النص والبنية الكبرى التي أنتج النص في إطارها .
2- الربط بين النص والمجتمع .
3- هذه التفاعلات تتم من خلال فعل مزدوج – الكتابة والقراءة – .
البنية الاجتماعية داخل بنية النص الروائي
إن نص الرواية يجسد أفعال وعلاقات وقيم اجتماعية وتاريخية محددة ، وحضور البنية الاجتماعية في النص تتشكل من خلال المادة الحكائية التي يتفاعل الكاتب معها في إطار اجتماعي أو اقتصادي أو تاريخي خاص ، وقصد الكاتب هنا ليس رهن الماضي إنما هو يكتب نصاً له استقلالية وهوية خاصة .
النص والبنية السوسيو نصية
أهم سمات هذه البنية :
1- التحول الاجتماعي والسياسي .
2- التحول الإيديولوجي .
وما يهمنا هو كيف تعامل النص مع هذه التحولات التي شهدتها فترة كتابة تلك الروايات – النماذج – .
الرؤية والصوت في النص الروائي
وهي الأصوات التي ظهرت في النص سواءً كانت نداءات أو إعلانات أو مراسيم أو فتاوى أو مذياع ، وهي إضافة للرؤيات , تأتي لتأخذ منحاها النقدي حيال الذات والواقع عبر تفاعلها النصي مع البنية السوسيو نصية التي أنتجت فيها ، ومع البنية الاجتماعية التي أظهرت في إطارها ,ويتجلى هذا في السخرية والمعارضة والتحويل .
الكاتب والقارئ في النص
يتحدث الكاتب عن علاقة النص بالقراءة ، فاللغة أولاً هي الجزء الأهم في هذه البنية ، إضافة إلى الخلفية النصية لدى القارئ .
وأخيراً يرى الكاتب : أن النص يبقى مفتوحاً وتظل قراءته مفتوحة على السؤال والبحث .
ملاحظات على الكتاب
1- يجمع الكتاب بين النظرية والتطبيق ، فقد استطاع الكاتب أن ينظّر للأفكار والرؤى التي أرادها جنباً إلى جنب مع التطبيق على نصوص روائية ، وهذا جعل من كتابه بحثاً علمياً قابلا للحياة وليس نظريات هلامية ليس بالإمكان الإمساك بها .
2- بخصوص النصوص التطبيقية , وفق الكاتب إلى اختيار روايات عربية جمعت خصال ثلاث من الصعوبة أن تجتمع له في غيرها وهي :
- المستوى الفني المميز : إذ أنها لمجموعة من الروائيين المتميزين في هذا الحقل أمثال جمال الغيطاني وتيسير السبول .
- قرب الفترة الزمنية بين إصدار هذه الروايات : إذ لا تتعدى الفترة بين أولها وأخرها عشرة سنوات .
- التقاء الروايات المدروسة على نقطة محورية واحدة وهي هزيمة حزيران .
3- يظهر من نقاش الكاتب للنصوص المطبقة فهمه المعمق الدقيق لأبعاد الروايات والغور في أعماقها ، بعيداً عن التسطيح والقراءة العقيمة ومحاولة الإسقاطات الواقعية ، خاصة في فترة كتابة البحث – 1988م –
4- رغم تحبيذنا الشديد للموائمة بين الجانبين التطبيقي مع التنظيري فإن هذا لا يمنعنا من إبداء ملاحظة مفادها : أن القارئ لهذا الكتاب لن يستطيع استيعابه وإدراك مراميه دون أن يكون قد قرأ مسبقاً تلك النصوص الروائية مناط التطبيق .
وأحسب أن هذا قد لا يتأتى لجميع قرائه ، لذا كان الأجدر بالكاتب أن ينبه القارئ منذ البدء أن الولوج إلى عالم الكتاب لا يتم إلا من خلال القراءة السابقة لتلك الروايات .
5- قد نبرر للكاتب عدم رجوعه لأي ناقد روائي عربي ، بأن هذا الفن لم ينضج في فترة الثمانينات من القرن المنصرم بعد, ولم يصل إلى ما وصل إليه نظيره الغربي .
لكنا نلحظ أن الكاتب قد وصل إلى مستوى مستهجن من التماهي مع النقد الروائي الغربي جعله يظن أن مخالفة في جزئيات في هذه الآراء فتحاً عظيماً .
6- يطغى على الكتاب الإيحاء العام بالايجابية للنص الروائي المنفتح ، والإيحاء السلبي للنص المنغلق ، ويتجلى هذا من خلال عنوان الكتاب والإشارات الكثيرة الواردة في الكتاب .
إضافة إلى ما أورده الكاتب من اقتباسات لقراءات بعض النقاد العرب حول النص المفتوح ( اقتباسات ايجابية أيدها الكتب وأثنى عليها ) واقتباسات أخرى حول النص المنغلق وفيها كان النقاش لهذه الآراء هجومياً إلى حد كبير .
مع أن انفتاح النص أو انغلاقه لا يترتب عليه حكم بالسلبية أو الايجابية للنص الروائي ,فقد تجد نصاً متميزاً غير انه منغلق والعكس صحيح ، لذا يجب أن ندرك أن الانفتاح هو واحد من تقانات النص الروائي توحي باستمرار الأحداث أو دائريتها .
7- استطاع الكاتب أن يبرز نظريته ويدافع عنها رغم ما اعترى لغته من غرابة في تركيب الجمل جعلت القارئ يُضطر أن يعيد قراءة الفقرة مرات عدة لاستخلاص فكرة قد تكون بديهية أو ساذجة لكنها مكسوة بألفاظ ودلالات جزلة جدا مما جعل عملية القراءة فيها شيء من النفور .
8- يُحمد للكاتب إيمانه – حسب أقواله على الأقل – باختلاف الرواية العربية والرواية الغربية مما يحتم اختلاف نقد كليهما ، هذا الإيمان كان الأجدر به أن يخفف حضور المصطلحات النقدية العربية وهذا ما لم يحصل .
9- أخيراً يحسب للكاتب إفلاته من نظرية " الانعكاس " وقراءة الأدب عموماً والروائي خصوصاً بعيداً عن إسقاطات واقعية تضّر النص أكثر مما تنفعه .
[1] : انفتاح النص الروائي (النص – السياق ), سعيد يقطين , المركز الثقافي العربي , بيروت , الطبعة الأولى ,1989م.
يدور الكتاب حول فكرة تعريف النص بدقة, وتمييزه عن غيره خاصة عن الخطاب.
ويقدم الكاتب مصطلحات ووجهات نظر جديدة في الحقل الروائي مستلهمة في غالبها من نقاد الرواية الغربية, خاصة في المسائل التي تناقش التفاعل النصي , وكيف يحدث وما هي أشكاله و مستوياته وما هو تأثير هذا التفاعل على النص والقارئ.
يخصص لانفتاح النص من حيث الزمن جزء كبير من الكتاب إذ يناقش الكاتب ماهية الانفتاح وأسبابه وتأثيره على النص.
يزاوج الكتاب بين النظرية والتطبيق, من خلال اعتماده على ست روايات عربية ظهرت بعد هزيمة حزيران (1976م) تشكل الهزيمة نقطة التقاء لها جميعا .
واستطاع الكاتب من خلال هذه الروايات أن يستحلي كيفية تعامل هذه الروايات مع الهزيمة وكيف عبرت عنها وانطلقت من خلالها
أخيرا, ركز الكتاب على مفهوم (الزمن الروائي) ومايزه عن أزمنة أخرى خاصة في ربطه بالزمن الواقعي وأكد على ضرورة الابتعاد عن الإسقاطات الواقعية وربط الأحدث الفعلية بالأحداث الروائية
تقديم
الكتاب من القطع المتوسط ويحتوي على (160 ) صفحة ويضم ثلاثة فصول هي :
الأول : في بناء النص .
الثاني : في تفاعل النصوص .
الثالث : في البنيات السوسيو نصية .
يرتبط هذا الكتاب بالإصدار السابق للكاتب نفسه بعنوان " تحليل الخطاب الروائي" إذ يسعى كلا الكتابين إلى توسيع السرديات البنيوية .
ويضع الكاتب في مقدمته تعريفاً جدلياً للنص يدور الكتاب بمجمله حول محور هذا التعريف ، فهو يرى أن النص :
" بنية دلالية تنتجها ذات ضمن بنية نصية منتجة في إطار بنية سوسيو نصية " .
وقد أتخذ الكاتب من نصوص روائية عربية جديدة - آنذاك- محاولاً التطبيق عليها وطرح السؤال المركزي عليها : كيف تعاملت هذه النصوص مع هزيمة حزيران عام 1976م ؟ وكيف عبّرت عنها وتفاعلت معها و ما هي دلالة هذا التعبير ؟
النصوص هي :
رواية الزيني بركات / جمال الغيطاني ، وأنت منذ اليوم / تيسير السبول ، و الزمن الموحش / حيدر حيدر ، و الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل / لإميل حبيبى ، و عودة الطائر / حليم بركات .
مدخل إلى تحليل النص الروائي :
يناقش سعيد يقطين في استهلاله هذا كلاً من " الخطاب " و " النص " خاصةً عند عدد من النقاد الغرب و يعترف أنه يستلهم آراء بعضهم في بعض المسائل ، ويخلص من استنتاج آراء " شلومين" ، "وفاولر" ، و"ليتش" ، و"نورت" حول النص بأنه مسجل - اي النص- من خلال تجليه " الكتابي " فهو ما نقرأ وهو ما يتجلى على الورق أمامنا ، فهما - الخطاب والنص - يختلفان من حيث الصلة بالقارئ والوظائف المنوطة بكل منهما .
النص ونظريات النص
يعرض سعيد يقطين هنا لمقاربات نظرية تسعى إلى تحديد " النص " انطلاقاً من مبادئ محددة ويركز على وجهته نظر كل من "كريستيفا" ، و"بارت" ، و"بول ريكور" ، و"لافون" ، و"مادري" ,لكنه يستلهم آراء وتصورات " بيير زيما " وينطلق منها .
وبعد عرض ليس بالقصير لآراء هؤلاء يخلص إلى أن التمييز بين الخطاب والنص له منطلقاته النظرية والمنهجية ، والذي يهمنا من هذا كله هو تصور الكاتب للمسألة ، إذ يرى أن
الخطاب مظهر نحوي يتم بواسطته إرسال القصة ، أما النص فهو مظهر دلالي يتم من خلاله إنتاج المعنى من لدن المتلقي .
لكنه يؤكد أن هذا التمييز هو إجرائي تفرضه دواعي التحليل ، إضافة إلى أننا في الخطاب نقف عند حدود الراوي والمروي له ، أما في النص فنتجاوز ذلك إلى الكاتب والقارئ .
مدخل إلى تحليل النص الأدبي :
يحاول الكاتب الاستفادة من الآراء المعروضة حول النص ومن جوانب لم يُلتفت إليها فيه سابقا منطلقا من أسئلة بسيطة ظلت تتعقد ويحاول ان :
أولاً : تقديم تعريف للنص .
ثانياً : ربط النص بالخطاب .
وفي تعريفه للنص يستلهم آراء " كريستيفيا" ، "زيما" ، "هاليداي" بصورةٍ غير مباشرة ويحدد تعريف النص على الوجه التالي :-
" النص بنية دلالية تنتجها ذات – فردية أو جماعية – ضمن بنية نصية منتجة ، وفي إطار بنيات ثقافية واجتماعية محددة " .
ونلحظ أن هذا التعريف يتكون من:
1- العنصر البنيوي :
أ- بنية دلالية " النص يستوعب دالاً ومدلولاً " .
ب- بنية نصية " النص نحوي وصرفي " .
جـ - بنية ثقافية واجتماعية " سلطة الزمن على تحديد المعنى الجدلي للكلمة ".
2- العنصر الإنتاجي : العلاقة بين هذه البنيات علاقة فعل وتفاعل وصراع (أي إنتاج ) .
ثم يناقش الكاتب تعريفه الجديد للنص ويضع كل كلمة فيه موضع التدقيق و يمكننا اختزال ذلك التعريف بـ :
1- البناء النصي : بمعنى أن النص بنية دلالية تنتجها ذات .
2- التفاعل النصي : النص أنتج ضمن بنية نصية منتجة .
3- البنيات السوسيو – نصية : أن النص أنتج ضمن بنيات ثقافية محددة .
الفصل الأول : بناء النص
ينطلق الكاتب من تصوره السابق حول النص وتقسيمه الثلاثي إلى تحليل النص الروائي .
توسيع الزمن : يتحدث الكاتب هنا عن الزمن من خلال بُعد " زمن النص " وقبل هذا يعرض إلى آراء ومقاربات النقاد الغربيين الذين تحدثوا في هذه المسألة بهدف الاستضاءة ببعضها بشكل محدد, لأن أغلبها لم تتجاوز حدود المظهر " اللفظي " لتحليل الزمن ، ثم يبدأ بعرض كلاً من " تودوروف" ، و "هارلد" ، و" فاينريش " والتي تظل تدور في فلك العموميات ونجد نوعاً من التقارب في الحديث عن : " زمن القراءة ، و زمن الكتابة " .
زمن الخطاب إلى زمن النص
يمكننا أن نرتب الأزمنة التي تحدث عنها سعيد يقطين على النحو الآتي :
1- زمن القصة : وهو زمن الحادثة الحكائية في شكلها ما قبل الخطابي ( زمن أحداث القصة في علاقتها بالشخصيات والفواعل – الزمن الصرفي – ) .
2- زمن الخطاب : وهو الزمن الذي تُعطى فيع القصة زمنيتها الخاصة من خلال الخطاب في إطار العلاقة بين الراوي والمروي له ( الزمن النحوي) .
3- زمن النص : وهما : أ- الزمن الذي يتجسد من خلال الكتابة .
ب- الزمن الذي يتجسد من خلال القراءة .
ومن خلال العلاقة بين بُعدي زمن النص يتم إنتاج الدلالة ، على مستويين هما :
1- البناء على المستوى الداخلي : يمكننا تحليله من خلال تجسيد التفاعل الحاصل بين زمن القصة والخطاب أي أن الكاتب يرهّن (يجعله مضارعاً) الحدث التاريخي ويبني عالماً زمنياً خاصاً به .
2- البناء على المستوى الخارجي : وهو تفاعل زمن النص من خلال فعل القراءة ، وعبره يتم إنتاج دلالة النص من لدن القارئ .
بناء النص على المستوى الداخلي
يقف الكاتب هنا على البناء الداخلي للنص ، ويلاحظ تعالق زمن القصة( الأحداث الحقيقية ) بزمن الخطاب ( لحظة تخّطيب الحدث ) ولأجل ذلك :
1- يسترجع الكاتب علاقة زمن القصة بزمن الخطاب (من خلال الروايات المطبق عليها) .
2- معاينة هذه العلاقة .
3- استنتاج دلالات هذه العلاقات .
في النصوص الروائية التي جعلها الكاتب محور تطبيقه يمكننا أن نلحظ على هذه النصوص ، من حيث كونها تالية زمانياً للحكاية ، فهي على بعدين :
1- مادة تاريخية : كما في رواية الزيني بركات .
2- قصة حياة : كما في ( المتشائل ، الزمن الموحش ، أنت منذ اليوم ، عودة الطائر إلى البحر ) .
إن قصة الزيني بركات تبدأ وتنتهي في القرن العاشر الهجري أما قصة حياة المتشائل وشلبي فهما منتهيتان في زمن قريب من حياة الراوي , ونفس الشيء ولكن بامتداد إلى حاضر الكاتب نرى قصة " أنت منذ اليوم" ، و "عودة الطائر " .
ثم يبدأ الكاتب بتحليل النصوص محاولاً أن يلحظ كيف سيشتغل كتاب النص زمانياً على مادة سابقة له وكيف يسترجعها ويبنيها زمانياً ثم ينتجها دلالياً .
وفي محاولة الكاتب التطبيق الدقيق على النصوص السابقة يخلص إلى نقطتين أساسيتين هما :
1- ترهين المادة الحكائية : فالزمان هنا ليس زماناً تقليدياً ، إنه الزمن الحاضر على مستوى الصيغة والدال على الحال والاستمرار .
2- تكسير البناء الخطي : من خلال " اللعب الزمني " كالبدء بالاستباق والرجوع إلى نقطة البدء .
وبربط النقطتين السابقتين تتضاعف مشاكل المتلقي وتتأكد لدينا خصوصية زمن الخطاب الروائي ، إذ أننا أمام زمن مختلف عن السائد .
بناء النص
يقصد الكاتب بالبناء النصي هو ما يضعه الكاتب من عناوين وتقسيم النص إلى أبواب وأقسام .
وما يقوم به المؤلف هنا هو الاعتماد على هذه الإشارات البنائية في معاينة علاقة القصة بالخطاب .
ويحتل جمال الغيطاني في رواية الزيني بركات المساحة الأكبر في محاولة قراءة إسهامات " بناء النص " أي توزيع الكاتب للفصول والأبواب في الخطاب الروائي .
فهذه الرواية مقسمة إلى سبعة سرادق – خيمة تنصب للمناسبات – وافتتاحية لرحّالة بندقي في فترة كانت القاهرة على أبواب الهزيمة والتحول من عصر المماليك إلى العثمانيين .
فإذا تخيلنا النص مجلساً كبيراً تدور فيه الأحاديث فإن المقدمة لا تدخل في هذه التسمية إنما هي عتبة ,والأخيرة هي الباب الذي نخرج منه من النص " ما بعد السرادق ".
وفي رصده لأحداث الرواية التفصيلية يعاين الكاتب حركات ثلاثة هي :
1- تعيين الزيني بركات .
2- اللقاء " بين الزيني و زكريا " .
3- الحرب – الهزيمة .
فالغيطاني قدم بناءاً متماسكاً يمكننا أن نسجل أنه دائري مفتوح يتجلى بوضوح على مستويين :
الأول : في الشتاء ويشمل ثلثي النص فتجدنا أمام حرب داخلية يخوضها جهاز " البصاصين " ضد الشعب في شخص الجهيني .
ثانياً : في الصيف تجدنا أمام حرب خارجية من خلال الاحتلال العثماني .
فالشتاء طويل لا يلبس فيه السلطان إلا الصوف الأسود ويتسع هذا الشتاء للحركتين " التعيين واللقاء " بينما الصيف قصير لا يلبس السلطان إلا اللباس الأبيض ويتسع لحركة واحدة هي الحرب والهزيمة .
يظهر إذاً أن النص دائري يتطور فيه الزمن إلى الأمام ويزداد حدّة ، فالزيني أعتى من أبي الجود ، والزيني في ظل العثمانيين أعتى منه في ظل المماليك ، والدوائر هنا تتصاعد , فإن لكل نهاية بداية جديدة ، فالسواد – الحزن – يأتي بعده البياض – الفرح – لكن سرعان ما ينتهي الأبيض بالأحمر – موت السلطان – .
لذ يمكننا اعتبار أن كافة العناصر – نحوية / دلالية – تتظاهر لتقديم هذا البناء الدائري المنفتح ، سواء على مستوى علاقة القصة بالخطاب أو على مستوى زمن النص .
ويفعل الكاتب ما فعله في نص الزيني بركات مع باقي النصوص وإن بشكل مقتضب ويؤكد على الدائرية للنص والانفتاح كذلك ، ففي " الزيني بركات " نبدأ بالظلام ونعود إلى الضوء وفي " اليوم السابع "في عودة الطائر إلى البحر يتأكد لنا أن العربي لم يخلق إلا لمزيد من الظلام .
انفتاح النص وانغلاقه
يحاول الكاتب هنا أن يقف على انفتاح النص أو انغلاقه من خلال استخلاص أهم العناصر التي راكمها في التحليل مع ربط ذلك بالموقف من الزمن ، فالكاتب وهو يقدم تجربته من خلال ترهين الحكي وتكسير خطية التسلسل هو فعلا يقدم بناءاً جديداً وهذا البناء يستلزم دلالة مفتوحة ونصاً جديداً .
والنصوص التي تناولها الكاتب في فترة واحدة من 1969 – 1974م , كانت الهزيمة نقطة نهاية النص ، فالنص كان – منفتحاً – زمانياً على الزمن فهو يقف عند الهزيمة كفترة زمنية حاسمة لكنه يرى أنها منفتحة على الماضي ومفتوحة على المستقبل ، بل إن هذه الهزيمة ليست إلا بداية البدايات وان ما وقع لم يسبق أن وقع نظير له ، رغم أن الكاتب لا يسقط هزيمة مصر أمام المصريين على هزيمة العرب في 1967م .
بناء على المستوى الخارجي
ويقصد به انفتاح الدلالة عند القارئ عن طريق إعادة بناء النص وفق تصوراته وخلفيته النصية الخاصة به , فالنص في زمن القراءة منفتح بشكل غير محدود لذلك تتعدد القراءات بتعدد أزمنة القراءة .
إذاً تتم عملية انفتاح النص في خلفيته نصوص عديدة من خلال الإستراتيجية التالية :
الكاتب ينتج النص وفي خلفيته نصوص عديدة والقارئ يدخل مجهزاً بتصورات قبلية عن النص ، ومن خلال هذا التفاعل على المستوى الداخلي – الكتابة – والخارجي – القراءة – يتم الانفتاح أو الانغلاق للنص .
ويمكننا بناءاً عليه أن نقسم هذا التصور إلى :
1- النص منفتح والقراءة منفتحة .
2- النص منفتح والقراءة منغلقة .
3- النص منغلق والقراءة منغلقة .
4- النص منغلق والقراءة منفتحة .
ثم يأتي الكاتب بنموذجين , الأول يرى فيه انفتاح النص لكن القراءة منغلقة والآخر فيه النص والقراءة منفتحان .
النموذج الأول : يورد قراءة لكل من "احمد حمود عطية" و"شكري عزيز ماضي" للنصوص نفسها التي تناولها ، ويرى أن هؤلاء قد عاملوا النصوص على أنها أعادة إنتاج نصوص سابقة , فهي حقاً تحاصر النص وتغلقه ، فهي قراءة تقليدية على تصور جاهز للواقع .
النموذج الثاني : وهو انفتاح النص ويقابله انفتاح القراءة فيأتي بنماذج دراسات لكل من "سامية محرز ، و "رضوى عاشور" ،و"خالدة سعيد "،و "حمد براءة
"يرى فيها أنها قراءات منفتحة تسعى إلى بناء النص من جديد عبر الكشف عن آليات بنائه وتركيزها على جوانب بنيوية وداخلية في النص ، فهي لا تستسلم إلى حاجز الوعي وتعمل على إسقاطه على النص .
ويخلص من النموذجين إلى أن انفتاح النص يتأبى على القراءة السهلة والمطلقة والنهائية ، فالمسألة ليست مسألة تطابق زمني أو انعكاس الماضي على الحاضر إنما هي وعي جديد للزمن على صعيد الكتابة أو التجربة .
الفصل الثاني التفاعل النصي :
يحاول الكاتب هنا تفكيك النص الذي بناه في الفصل السابق ، بهدف معاينة علاقة النص بغيره من النصوص التي حاول تمثلها واستيعابها وتحويلها في بنيته النصية .
ويوضح انه يستعمل – التفاعل النصي – مرادفاً للشائع "التناص" و"المتعاليات النصية" لأنه يراها أعمق في حمل النص .
النص والتناص :
يخرج الكاتب بعد عرضه المبسط لأراء ومقاربات "البويطيقيين" أن هذا التناص يأخذ علاقات نصية ومتعددة كثيرة .
النص والتعاليات النصية :
ومعناه :كل ما يجعل النص يتعالق مع نصوص أخرى بشكل مباشر أو ضمني ، وهو خمس أنماط :
1- التناص : وهو خاص بالاستشهاد بنص أو سرقته .
2- المناص : ويأتي في العنوان والعناوين الفرعية والمقدمات .
3- الميتانص : وهو علاقة التعليق الذي يربط نصاً بآخر دون أن يذكره أحياناً .
4- النص اللاحق : وهي علاقة تحويل أو محاكا.
5- معمارية النص : يختص بالشعر والرواية ويأخذ بعداً ناهياً .
النص والتفاعل النصي " تصور الكاتب "
يرى أنه يدرج في أشكال ثلاث :
1- التفاعل النصي : تفاعل نصوص للكاتب نفسه .
2- التفاعل النصي الداخلي : تفاعل نص الكاتب مع نصوص كتّاب عصره .
3- التفاعل النصي الخارجي : تفاعل النص مع نصوص ظهرت في عصور بعيدة .
البنيات النصية :
وهي علاقات يأخذها النص من غيره من النصوص ، وقد لا تكون مباشرة ، لكنها تحمل نسق القواعد والبنيات التي تأسست عليها ككل النصوص .
النص والمتفاعلات النصية :
يرتب الكاتب زمانياً المتفاعلات النصية التي يستوعبها النص الروائي ويتفاعل معها وهي :
1- متفاعلات قديمة :
- تاريخية : بأن يكون لها اقتران في التاريخ من خلال الإشارة إلى وقائع أو شخصيات أو أحداث .
- دينية : من خلال إشارات إلى أسماء دينية أو شعائر عبادية .
- أدبية : سواءً كانت شعرية أو نثرية أو واقعية أم متخيلة .
2- متفاعلات حديثة :
- تاريخية .
- إعلامية
- أدبية و ثقافية.
أنواع التفاعل النصي :
1- المناصة : وهي عملية التفاعل ذاتها وطرفاها هم النص والمناص ، ويستخرج الكاتب أمثلةً من النصوص الروائية , ويمكننا أن نجدها متميزة عن هذا النص ، كأن تكون آية قرآنية أو حديثاً أو مثلاً أو غيره …. ونجدها غالباً بين مزدوجين .
2- التناص : وهي عملية يأتي المتناص مندمجاً ضمن النص ويصعب على القارئ غير المتكون أن يتبينها .
3- الميتانصية : وهو أن يتفاعل النص مع غيره من خلال النقد .
وبعد أن يشير الكاتب إلى أمثلة في النصوص الروائية المشغول عليها , يخلص إلى أن هذه الأنواع الثلاثة تتداخل فيما بينها وتتبادل الفعل وتصبح جزء لا يتجزأ من النص .
أشكال التفاعل النصي :
1- التفاعل النصي الذاتي : وتبرز لنا عندما تكون الخلفية النصية التي يتفاعل معها الكاتب مشتركة ، مثل ما نجده عند جمال الغيطاني عندما انطلق من جزء من تاريخ المماليك كما هو عند "ابن إياس" في "بدائع الزهور في وقائع الدهور" .
2- التفاعل النصي الداخلي : وهو التفاعل الذي يحصل على صعيد إنتاج النص ويتصل بالموقف الكتابي والممارسة الفعلية للكاتب وتجربته هو .
3- التفاعل النصي الخارجي : وهو يقوم على أساس استيعاب النصوص السابقة وتحويلها ونقدها .
مستويات التفاعل النصي :
1- المستوى العام .
2- المستوى الخاص .
وبالمجمل نلاحظ أن التفاعل يشتغل أفقيا وعموديا داخل بنية النص ، واستخراج مختلف الأوجه يوضح علاقة النص مع النصوص السابقة له أو المعاصرة له .
والكاتب هنا يستخلص سمات هذا التفاعل النصي :
1- أن التفاعل مع البنيات القديمة أكثر من الحديثة ، والسبب كان للمعارضة أو للسخرية .
2- هيمنة الميتانص بمختلف ألوانه .
وبتركيزه على نص الزيني بركات يرى تجلي خاصية الاشتغال " النص التاريخي " في سعي لتمثيل روح العصر الراهن .
وهنا تحديداً يتحقق انفتاح النص الروائي ، ففي علاقة النص في أبعاده " الإيديولوجية " والكتابية يأتي النص لينزاح عن الخلفية النصية التقليدية مخلخلاً ثوابتها ومنقذاً إياها .
البنيات السوسيو – نصية
ويقصد هنا أن كل نص – كيفما كان نوعه – يتم إنتاجه ضمن بنية اجتماعية محددة يتفاعل معها وبانعدام هذا التفاعل ينعدم النص .
ويسهب الكاتب في مناقشة آراء الغربيين الذين ارتضاهم ، لكن يمكن إجمال هذه الآراء في رأي " زيما " الذي يرى أن الكاتب باعتباره منتجاً للنصوص ليس معنياً مباشرةً بالقضايا السياسية والاجتماعية والنفسية ، لأنه ببساطة لا ينتج من اجل السياسي أو الباحث الاجتماعي أو النفسي ، انه يكتب بواسطة نصوص ولغه مجتمعية ، فالنص ينتج في إطار بنية نصية شاملة ، وتهتم سوسيولوجيا النص الأدبي بـ :
1- الربط بين النص والبنية الكبرى التي أنتج النص في إطارها .
2- الربط بين النص والمجتمع .
3- هذه التفاعلات تتم من خلال فعل مزدوج – الكتابة والقراءة – .
البنية الاجتماعية داخل بنية النص الروائي
إن نص الرواية يجسد أفعال وعلاقات وقيم اجتماعية وتاريخية محددة ، وحضور البنية الاجتماعية في النص تتشكل من خلال المادة الحكائية التي يتفاعل الكاتب معها في إطار اجتماعي أو اقتصادي أو تاريخي خاص ، وقصد الكاتب هنا ليس رهن الماضي إنما هو يكتب نصاً له استقلالية وهوية خاصة .
النص والبنية السوسيو نصية
أهم سمات هذه البنية :
1- التحول الاجتماعي والسياسي .
2- التحول الإيديولوجي .
وما يهمنا هو كيف تعامل النص مع هذه التحولات التي شهدتها فترة كتابة تلك الروايات – النماذج – .
الرؤية والصوت في النص الروائي
وهي الأصوات التي ظهرت في النص سواءً كانت نداءات أو إعلانات أو مراسيم أو فتاوى أو مذياع ، وهي إضافة للرؤيات , تأتي لتأخذ منحاها النقدي حيال الذات والواقع عبر تفاعلها النصي مع البنية السوسيو نصية التي أنتجت فيها ، ومع البنية الاجتماعية التي أظهرت في إطارها ,ويتجلى هذا في السخرية والمعارضة والتحويل .
الكاتب والقارئ في النص
يتحدث الكاتب عن علاقة النص بالقراءة ، فاللغة أولاً هي الجزء الأهم في هذه البنية ، إضافة إلى الخلفية النصية لدى القارئ .
وأخيراً يرى الكاتب : أن النص يبقى مفتوحاً وتظل قراءته مفتوحة على السؤال والبحث .
ملاحظات على الكتاب
1- يجمع الكتاب بين النظرية والتطبيق ، فقد استطاع الكاتب أن ينظّر للأفكار والرؤى التي أرادها جنباً إلى جنب مع التطبيق على نصوص روائية ، وهذا جعل من كتابه بحثاً علمياً قابلا للحياة وليس نظريات هلامية ليس بالإمكان الإمساك بها .
2- بخصوص النصوص التطبيقية , وفق الكاتب إلى اختيار روايات عربية جمعت خصال ثلاث من الصعوبة أن تجتمع له في غيرها وهي :
- المستوى الفني المميز : إذ أنها لمجموعة من الروائيين المتميزين في هذا الحقل أمثال جمال الغيطاني وتيسير السبول .
- قرب الفترة الزمنية بين إصدار هذه الروايات : إذ لا تتعدى الفترة بين أولها وأخرها عشرة سنوات .
- التقاء الروايات المدروسة على نقطة محورية واحدة وهي هزيمة حزيران .
3- يظهر من نقاش الكاتب للنصوص المطبقة فهمه المعمق الدقيق لأبعاد الروايات والغور في أعماقها ، بعيداً عن التسطيح والقراءة العقيمة ومحاولة الإسقاطات الواقعية ، خاصة في فترة كتابة البحث – 1988م –
4- رغم تحبيذنا الشديد للموائمة بين الجانبين التطبيقي مع التنظيري فإن هذا لا يمنعنا من إبداء ملاحظة مفادها : أن القارئ لهذا الكتاب لن يستطيع استيعابه وإدراك مراميه دون أن يكون قد قرأ مسبقاً تلك النصوص الروائية مناط التطبيق .
وأحسب أن هذا قد لا يتأتى لجميع قرائه ، لذا كان الأجدر بالكاتب أن ينبه القارئ منذ البدء أن الولوج إلى عالم الكتاب لا يتم إلا من خلال القراءة السابقة لتلك الروايات .
5- قد نبرر للكاتب عدم رجوعه لأي ناقد روائي عربي ، بأن هذا الفن لم ينضج في فترة الثمانينات من القرن المنصرم بعد, ولم يصل إلى ما وصل إليه نظيره الغربي .
لكنا نلحظ أن الكاتب قد وصل إلى مستوى مستهجن من التماهي مع النقد الروائي الغربي جعله يظن أن مخالفة في جزئيات في هذه الآراء فتحاً عظيماً .
6- يطغى على الكتاب الإيحاء العام بالايجابية للنص الروائي المنفتح ، والإيحاء السلبي للنص المنغلق ، ويتجلى هذا من خلال عنوان الكتاب والإشارات الكثيرة الواردة في الكتاب .
إضافة إلى ما أورده الكاتب من اقتباسات لقراءات بعض النقاد العرب حول النص المفتوح ( اقتباسات ايجابية أيدها الكتب وأثنى عليها ) واقتباسات أخرى حول النص المنغلق وفيها كان النقاش لهذه الآراء هجومياً إلى حد كبير .
مع أن انفتاح النص أو انغلاقه لا يترتب عليه حكم بالسلبية أو الايجابية للنص الروائي ,فقد تجد نصاً متميزاً غير انه منغلق والعكس صحيح ، لذا يجب أن ندرك أن الانفتاح هو واحد من تقانات النص الروائي توحي باستمرار الأحداث أو دائريتها .
7- استطاع الكاتب أن يبرز نظريته ويدافع عنها رغم ما اعترى لغته من غرابة في تركيب الجمل جعلت القارئ يُضطر أن يعيد قراءة الفقرة مرات عدة لاستخلاص فكرة قد تكون بديهية أو ساذجة لكنها مكسوة بألفاظ ودلالات جزلة جدا مما جعل عملية القراءة فيها شيء من النفور .
8- يُحمد للكاتب إيمانه – حسب أقواله على الأقل – باختلاف الرواية العربية والرواية الغربية مما يحتم اختلاف نقد كليهما ، هذا الإيمان كان الأجدر به أن يخفف حضور المصطلحات النقدية العربية وهذا ما لم يحصل .
9- أخيراً يحسب للكاتب إفلاته من نظرية " الانعكاس " وقراءة الأدب عموماً والروائي خصوصاً بعيداً عن إسقاطات واقعية تضّر النص أكثر مما تنفعه .
[1] : انفتاح النص الروائي (النص – السياق ), سعيد يقطين , المركز الثقافي العربي , بيروت , الطبعة الأولى ,1989م.